الثلاثاء 30 أبريل 2024
أخبار الشرق

الدراما التاريخية.. الغائب الأكبر في المواسم الرمضانية

غابت الدراما التاريخية والدينية عن الشاشة الجزائرية لمواسم رمضانية متعاقبة، مخلفة الفراغ التام، وهي التي كانت ركنا قارا في البرمجة الرمضانية، وتحقق أعلى المشاهدات، وتفتح سجالات ونقاشات من مختلف الأوساط الاجتماعية والثقافية، وحتى السياسية، ولم يعد المشاهد الجزائري يرى لها وجودا ولا حسا، فهل هو غياب أو تغييب لفن راق استخلف بما هو أدنى؟ .

لا وجود لأعمال درامية ذات طابع ديني أو تاريخي، فالجمهور الجزائري كانت له تجارب مع مخرجي هذا النوع من الدراما، كان منهم الراحل حويذق ومحمد حازورلي وبن دهينة وغيرهم، كما تعلق الجمهور الجزائري لعقود بنجوم هذه الدراما العرب، وعلى رأسهم الراحلون محمود ياسين وعبد الله غيث وأحمد مظهر وغيرهم.

وغياب هذا النوع من الأعمال التلفزيونية في السنوات الأخيرة، يثير العديد من التساؤلات، منها، هل أصبحت الأعمال الدينية غير مرغوبة من المشاهدين؟ وهل أضحت لا تستهوي صناع الدراما أولويات صناع الدراما؟ أم أن هذه الأعمال لم يعد أهلها موجودين، حيث غاب كتاب السيناريو ونجوم التمثيل وغيرهم. ورغم قيمة هذه الأعمال وقدرتها على استرجاع التاريخ وتعزيز الهوية الدينية والثقافية، ومحاربة التطرف، وتثمين جهود العلماء، إلا أن الالتفات إليها لم يعد موجودا، علما أن تلك المسلسلات كانت تلقى رواجا باهرا

ويرى بعض الملاحظين أن سبب الغياب يكمن في تكاليف هذه الدراما، بالتالي يعزف عنها المنتجون، خاصة الخواص منهم، وسعيهم لكل ما هو سهل ومربح. لكن بعض النقاد رفضوا هذا العذر، مؤكدين أن هناك أعمالا ليست دينية ولا تاريخية، استحوذت على ميزانيات خيالية، وتم إنتاجها بمبالغ ضخمة، تفوق حتى ميزانيات الأعمال الدينية والتاريخية، ولتجاوز مسألة التمويل، ينصحون بضرورة البحث عن إنتاج أعمال درامية مشتركة مع شركات عربية، مثلا، أو قطاع خاص أو محاولة الإنتاج بأقل التكاليف.

وآخرون يرجعون أسباب غياب الدراما الدينية والتاريخية في رمضان، إلى خلو الساحة الفنية من ممثلين كبار وعمالقة، مثلما كان الحال في السابق، ممن يجيدون الأدوار التاريخية والدينية، ويتحكمون في لغة الضاد وإلى عدم وجود كتاب سيناريو من الطراز الأول، كما أن تقديم أي إنتاج ديني أو تاريخي يتطلب وقتا طويلا للتحضير والتدقيق والاهتمام بالسيناريو.

يقول بعض النقاد، إن ذلك افتراء، مؤكدين أن مسلسل “يوسف الصديق”، مثلا، وهو من إنتاج إيراني، لا يزال الجمهور الجزائري يتابعه تجاوزت أرباحه ملايين الدولارات. وبدأت المسلسلات الدينية تختفي تدريجيا من خريطة دراما رمضان منذ سنوات، بعد أن كان يعرض أكثر من عمل ديني يخص شخصيات تاريخية إسلامية غالبا، اقتصر الأمر بعدها على عمل درامي واحد فقط. يحتاج الجمهور في هذا الشهر لجرعة دينية أكثر، علما أن المسلسل يدعم هذا الجانب الروحي، إنه الغياب التام الذي لم يعوضه الجديد.

كان بعض الفنانين الجزائريين يقولون، إن سبب ابتعادهم عن الدراما التاريخية هي اللغة الفصحى التي لا يتحكمون فيها جيدا، ما يحول عن أداء الأدوار التاريخية، كما أن تقديم أي عمل درامي تاريخي ناجح يحتاج لطاقة كبيرة من الممثل خاصة في مستوى التقمص، عكس الدراما الاجتماعية مثلا، التي تعتمد على العفوية وعرض لواقع معيش في الزمن الحاضر. في أحيان أخرى كثيرة، يتفق المتابعون وأهل الفن وصناعه على أن هذه الدراما تتطلب جهدا خاصا ومضاعفا من باقي أنواع الدراما، كي يشد المشاهد سواء في المضمون أو في الشكل الذي يعكس مستوى التقنيات العالية، خاصة في البصريات التي لها أثر الجذب كالسحر، فهي تصور واقعا آخر لا يزال مرتبطا بالبهرجة والفرجة،

علما أن المشاهد اليوم أصبح يقارن بين الانتاجات الضخمة، منها مثلا الأعمال التركية وما يقدم عندنا، فالدراما اليوم أصبحت اقتصادا قائما بذاته، يتطلب الاستثمار والخبرة، زد على ذلك، غياب النصوص التي تغوص في التاريخ وتحوله لمادة درامية، وهذا الجانب مفقود اليوم.هكذا اتحدت كل الظروف لتهميش هذه الدراما، وأصبحت مع السنوات مرفوضة من القطاع الخاص والعام، بحجة تكلفتها وعدم رواجها، لتضيع مع غيابها معالم من تاريخنا الوطني الزاخر عبر العصور، أو ربما يظهر هذا التاريخ برواية صناعه الدراميون غير الجزائريين وفق رؤيتهم التي يفرضونها علينا.

في انتظار عودة هذه الدراما الثقيلة والهادفة، يبقى الفضاء مفتوحا لكل ما هو خفيف وممتع وسطحي وسريع ومكرر لا يسمن ولا يغني من جوع.

ق.ث

مواضيع ذات صلة

عرض خاص لفيلم “بن مهيدي” يوم الخميس 25 أفريل بمهرجان عنابة للفيلم المتوسطي

akhbarachark

تبسة تتأهب لاستقبال وفدان من أستراليا وفرنسا لاكتشاف المواقع الأثرية 

akhbarachark

وزارة الثقافة والفنون تقيم حفل استقبال على شرف الفنانين

akhbarachark