كشف رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال لقائه الإعلامي الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية، أن 72% من المياه المحلاة ستُوجه لتزويد المواطنين بالمياه الصالحة للشرب. وأكد أن خمس محطات لتحلية مياه البحر دخلت الخدمة، فيما سيتم إنجاز ست محطات أخرى، مما يعزز الأمن المائي للبلاد. وأعرب الرئيس عن فخره بالكفاءات الوطنية التي شاركت في إنجاز هذه المحطات، مؤكداً أن تأمين المياه والغذاء للجزائريين لا يقل أهمية عن تأمين الوطن من التهديدات.
كما جدد الرئيس تبون التزامه بالوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب بحلول عام 2025، مؤكداً أن الجزائر تسير في هذا الاتجاه، مع السعي أيضًا لتحقيق الاكتفاء في إنتاج القمح اللين. كاشفا في نفس الوقت أن المنتجات الفلاحية الجزائرية أصبحت مطلوبة في دول الخليج وأوروبا بسبب جودتها العالية، مما يعكس تطور القطاع الفلاحي في البلاد.
في ذات الجانب أعلن رئيس الجمهورية عن قوانين مستقبلية تمنع ذبح أنثى الخروف للحفاظ على الثروة الحيوانية، مؤكدا أنه لابد من أن يكون لدى الفلاحين المربين وعي أن الوطن قبل كل شيء ولا يعني هذا خسارته وإنما أن يكون قنوعا. وقال الرئيس تبون حول غلاء سعر المواشي، إنه بمجرد التفكير في بيع الخروف بـ 17 مليون سنتيم بالنسبة لي حرام في بلاد الغنم. مشدداً على أن الدولة ستتخذ إجراءات صارمة لردع أي تجاوزات في هذا المجال. كما أشار إلى أن الجزائر سمحت باستيراد المواشي من إفريقيا، خاصة من النيجر ومالي، لتعزيز الإنتاج المحلي من اللحوم.
وبخصوص تحسين القدرة الشرائية ومكافحة المضاربة، أكد الرئيس تبون أن الحكومة تعمل على ضمان عدم تعرض الجزائريين للجوع، مشيراً إلى أن السوق توفر اليوم جميع احتياجات المواطنين. أما فيما يخص مادة الحليب، فقد كشف عن مشروع مشترك مع قطر لإنشاء مصنع لإنتاج بودرة الحليب، مما سيساهم في تقليص التبعية للاستيراد. كما أبدى أسفه لتفاقم المضاربة خلال شهر رمضان، مستنكراً التبذير الكبير لمادة الخبز، حيث تُرمى أطنان منه يومياً، وهو أمر غير مقبول من الناحيتين الدينية والاقتصادية.
وعن دعم الفلاحين ومكافحة البطالة، أعلن الرئيس تبون عن إجراءات جديدة لدعم الفلاحين، أبرزها منح الأراضي للمزارعين الذين يستأجرون أراضي من ملاك آخرين، مما يعزز الإنتاج الفلاحي. كما كشف عن إطلاق 11 ألف مشروع استثماري جديد سيدخل حيز الإنتاج قريبًا، وسيساهم في خلق فرص عمل.
وفيما يتعلق بالأجور، جدد الرئيس التزامه بزيادة الأجور بنسبة 100% خلال العهدة الرئاسية الحالية، بعد أن تم رفعها بنسبة 47% سابقًا. في الجانب ذاته أكد الرئيس أن هناك قوانين صارمة لمواجهة تهريب المواد الأساسية، مشيراً إلى أن العدالة والأجهزة الأمنية في حالة تأهب لمكافحة هذه الظاهرة. وفي المقابل، شدد على أن هناك حرية مطلقة للتصدير، وقد أصدر تعليمات واضحة لدعم هذا التوجه، ما يعكس التوجه نحو تعزيز الاقتصاد الوطني عبر الأسواق الخارجية.
و تحدث الرئيس عن متانة العلاقات الجزائرية-الإيطالية، مشيراً إلى أن إيطاليا رفضت فرض حصار أوروبي على الجزائر في التسعينيات، ما جعلها تدفع ثمناً باهظاً بعد تعرض رعاياها لهجمات إرهابية آنذاك. مشددا على أن الجزائر لن تتسامح مع أي ممارسات تهدد الوحدة الوطنية، و مشيراً في نفس الوقت إلى أن حرية التعبير لا تعني الشتم والتجريح أو استهداف مناطق بأكملها، مؤكداً أن القانون سيكون بالمرصاد لكل من يحاول زرع الفتنة.
وعن الخلاف بين الجزائر وفرنسا “قال الرئيس أنه مفتعل بالكامل”, واصفا ما يحدث حول هذه المسألة “بالفوضى” و”الجلبة السياسية”.وأن “هناك فوضى عارمة وجلبة سياسية (في فرنسا) حول خلاف تم افتعاله بالكامل”, مضيفا: “نعتبر أن الرئيس ماكرون هو المرجع الوحيد ونحن نعمل سويا”.وأوضح أنه بالفعل كان هناك سوء تفاهم, لكنه يبقى رئيس الجمهورية الفرنسية, وبالنسبة لي فإن تسوية الخلافات يجب أن تكون سواء معه أو مع الشخص الذي يفوضه, أي وزيره للشؤون الخارجية, وهو الصواب”. وتابع رئيس الجمهورية قائلا: “فيما يخصني, فإن ملف الخلاف المفتعل بين أياد أمينة, بين يدي شخص كفء جدا يحظى بكامل ثقتي, ألا وهو وزير الشؤون الخارجية, أحمد عطاف”.وأشار من جهة أخرى إلى أن الجزائر و فرنسا “دولتان مستقلتان : قوة افريقية و قوة أوروبية و رئيسان يعملان سويا”, مؤكدا أن “الباقي لا يعنينا”.و بخصوص زيارات المسؤولين الرسميين الفرنسيين إلى الأراضي الصحراوية المحتلة, أوضح رئيس الجمهورية أن هذه الزيارات “ليست استفزازا”.واسترسل قائلا “سأشرح في اليوم الذي أفهم فيه. لسنا مغفلين, فنحن نعلم تماما أن مسألة الحكم الذاتي فرنسية قبل أن يتولى جيراننا من الجهة الغربية الدفاع عنها”, مصيفا أن “فرنسا والمغرب يتفقان جيدا وهذا أمر لا يزعجنا, إلا أن المشكل يكمن في طريقة التباهي تلك, فهي تضايق الأمم المتحدة والشرعية الدولية”.وبعد أن ذكر بأن “فرنسا الرسمية قد اعترفت باغتيال بن مهيدي”, أكد رئيس الجمهورية أن “التاريخ نعرفه ولا نعيد كتابته, وهو ما يقودنا إلى مسألة الذاكرة”.وتابع قائلا: “يصبح الوضع (بالنسبة لفرنسا) لا يطاق عندما يتم التستر على العيوب, وهذا يحيلنا على مسألة حرية التعبير”, مستشهدا بجان ميشال أباتي, و”أنصار دريفوس”, والأوامر بالإبعاد من التراب الفرنسي (خاصة ضد الشخص الذي ندد بالإبادة في غزة). وأضاف, “بالنسبة لهم (الفرنسيين), الحرية هي أن أقول ما أريد وأنت تسكت: نحن لا نسكت”, مشددا على ضرورة “التحلي بالحكمة, فهناك فرنسيون يحبوننا وساعدونا”.كما أكد رئيس الجمهورية أن “هناك صحفيون فرنسيون نزيهون وشجعان يقولون الحقيقة, لدينا العديد من الأصدقاء في فرنسا مثل أودان ومايوه وسارتر وسيمون فاي وجيزيل حليمي”.
في ختام حديثه، أكد الرئيس تبون أن الجزائر اليوم تعيش مرحلة تحول حقيقي، بفضل جهود الجميع وليس فقط بفضل الرئيس، مشدداً على أن كل الإصلاحات والقرارات تصب في مصلحة الشعب الجزائري وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.
صالح.ب