أصدر والي عنابة أمس الأول الثلاثاء قرار إداريا يقضي بمنع تجول الماشية داخل المناطق الحضارية والتجمعات السكنية لبلديات الولاية مع الحجر الفوري لها، وتحويلها الفوري للذبح وتوزيع لحومها للاستهلاك على الهيئات النشاط الاجتماعي والتضامن أو إتلافها في حال عدم صلاحيتها، مستندا في القرار على مجموعة من الحيثيات المتعلقة بحماية الصحة العمومية.
وبحسب مضمون القرار الذي يدرج في نشرة القرارات الإدارية للولاية فإنه يرتقب أن يدخل حيز التنفيذ بداية من تاريخ توقيعها بحكم عدم نصها على تاريخ لبداية السريان، أو بعد فترة وجيزة لضمان نشره الواسع والإعلام به للفئات المعنية بتطبيقه أو لأصحاب المواشي، كما جرت العادة لعدم التحجج بعدم العلم به،
وقد جاء في القرار المسجل تحت رقم 2581 والمؤرخ في 24 سبتمبر 2024 في مادته الأولى أنه يمنع منعا باتا تجول الماشية من أغنام، أبقار وماعز داخل المناطق العمرانية والحضارية وكذا وسط التجمعات السكنية عبر جميع بلديات الولاية،
فيما جاء في نص المادة الثانية منه أنه ودون المساس بالمتابعات القضائية يترتب عن مخالفة أحكام المادة الأولى من هذا القرار حجز الماشية من طرف المصالح البلدية المختصة وتوجيهها فورا للذبح بالمذبح البلدي المختص إقليميا، مع تكفل البلدية التي يقع في دائرة اختصاصها المذبح البلدية بالتنسيق مع المصالح المختصة بتوزيع لحومها الصالحة للاستهلاك على الهيئات ذات الصلة بالنشاط الاجتماعي والتضامن أو إتلافها في حال كانت غير صالحه للاستهلاك، وهو ما تضمنته المادة الثالثة من ذات القرار.
أما المادة الرابعة فنصت على إلغاء أحكام القرار الولائي رقم 1765 المؤرخ في 22/09/2019 المتضمن منع تجوال الحيوانات الأليفة من أغنام وأبقار ومعز بالمحيط العمراني وسط المدينة لبلديات عنابة، والذي كان ينص على حجز الماشية وتحويلها للمحشر البلدي وتغريم أصحابها فقط عن كل يوم من الحجر والتوجه للذبح بعد انقضاء فترة محددة، ما يجعل من القرار الجديد للوالي أكثر صرامة في التعامل مع هذه الظاهرة التي تؤرق العديد من البلديات منذ سنوات رغم توالي القرارات البلدية المانعة لتجولها خاصة الأبقار من المجالس المتعاقبة لكن دون تطبيق صارم، إلا أن الوضعية الوبائية الحالية زادت من خطورتها و حتمت الحزم أكثر في التعامل معها وردع المخالفين، وفي المادة الخامسة والأخيرة من ذات القرار الولائي حددت الهيئات الإدارية المعنية بتنفيذه على غرار الأمين العام للولاية، الوالي المنتدب للمقاطعة الإدارية ذراع الريش، مدير التقنين والشؤون العامة رؤساء المجالس الشعبية البلدية والمكلفين بتسيير بلديات الحجار والشرفة، رؤساء الدوائر ومديرية المصالح الفلاحية ومديرية التجارة، مديرية الصحة والسكان ومديرية البيئة والغرفة الفلاحية، إضافة إلى الهيئات الأمنية المعنية على غرار المجموعة الإقليمية للدرك الوطني وأمن ولاية عنابة.
وفي ذات السياق فقد استند قرار والي عنابة إلى جانب الحيثيات المتعلقة بقوانين بالتنظيم الإداري وتحديد الصلاحيات، على مخرجات اجتماع مجلس الولاية المنعقد بتاريخ 18سبتمبر الجاري، وكذا مراسلة مديرية الصحة والسكان رقم 102 المؤرخة في 23 سبتمبر 2024، المتعلقة بحملة النظافة العامة لمكافحة داء حمى غرب النيل، إضافة إلى الحيثية الخاصة بظاهرة انتشار تجول المواشي داخل المناطق العمرانية والحضارية ووسط التجمعات السكنية خاصة الأبقار التي تقوم ببعثرة النفايات المنزلية واستهلاكها والتي قد تحتوي على مواد سامة تنتقل إلى المواطن عن طريق استهلاك لحومها وأحشائها،
ما قد يتسبب في عدة أمراض قد تصل إلى حد الإصابة بالسرطان إضافة إلى كون بعثرة النفايات تؤدي إلى اجتذاب الحشرات وتجمعها خاصة الباعوض الذي هو الناقل الأساسي لحمى غبر النيل وينتقل للمواطن عبر الأبقار تضيف ذات الحيثية.
ومن خلال هذه المعطيات يتضح أن حماية الصحة العمومية بالنظر إلى الوضعية الوبائية وان كانت مستقرة، فهي السبب الرئيسي في الصرامة التي تعاملت بها السلطات المحلية تجاه ظاهرة تجوال الماشية الضالة أو الراعية في النسيج العمراني وخاصة الأبقار بحكم أن الخوف من السرقة لسهولة حملها أو اقتيادها يدفع المربين سواء النظاميين أو غير النظاميين إلى حراسة الأغنام أو الماعز في حين يكون ذلك عصيا فيما يتعلق بالأبقار،
ويبقى التطبيق الميداني للقرار الفاصل الأهم في محاربة هذه الظاهرة التي أرقت المواطنين و السلطات المحلية بولاية عنابة على حد السواء على مدار سنوات على غرار العديد من ولايات الوطن الأخرى نتيجة عدم احترام المربين للقرارات التنظيمية وتهاونهم فيما قد تسبب فيه من أخطار على الصحة العمومية وحياة الأفراد.