ترأس،أمس، رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع الوطني، اجتماعًا هامًا لمجلس الوزراء، خُصص لمناقشة مشاريع قوانين حيوية وعروض تهم قطاعات استراتيجية تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، إلى جانب اتخاذ جملة من القرارات الحاسمة والتعليمات الموجهة للحكومة بهدف تحسين أداء الدولة وتعزيز نجاعة العمل المؤسساتي. في مستهل الاجتماع، قدم الوزير الأول عرضًا حول نشاط الحكومة خلال الأسبوعين الأخيرين، تلاه نقاش من الوزراء بشأن مشاريع القوانين المعروضة والعروض المقدمة، ليباشر بعدها رئيس الجمهورية بإصدار توجيهاته وتعليماته. وقد صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون يتعلق بالتعبئة العامة، الذي يهدف إلى تحديد الآليات العملية لتنظيم وتحضير وتنفيذ هذه التعبئة كما نصت عليه المادة 99 من الدستور، وهو ما يعكس حرص الدولة على ضمان الجاهزية الكاملة لمواجهة أي ظرف استثنائي يستدعي استنفار الإمكانات الوطنية.
وفي خطوة نوعية تتعلق بالجانب الاجتماعي والاعتراف بمكانة الأسرة التربوية، وافق مجلس الوزراء على تخفيض سن التقاعد لفائدة معلمي وأساتذة الأطوار الثلاثة (الابتدائي، المتوسط، والثانوي) بثلاث سنوات. ويأتي هذا القرار تجسيدًا لالتزام رئيس الجمهورية ووفاءً منه بما تعهد به، تقديرًا للمجهودات المبذولة من طرف أسرة التعليم في بناء أجيال المستقبل.
أما في ملف مكافحة المخدرات، فقد وجه الرئيس الحكومة إلى اعتماد مؤسسات عقابية متخصصة لمعالجة الجرائم الكبرى المرتبطة بهذه الآفة، في إطار الاستراتيجية الوطنية متعددة الأبعاد للوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، ما يعكس إصرار الدولة على محاصرة هذه الظاهرة من خلال مقاربة شاملة تجمع بين الوقاية والعقاب.
وفي الشق الإقتصادي، وخاصة القطاع الفلاحي، صادق مجلس الوزراء على مقترح وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري بتحديد سعر موحد لأضحية عيد الأضحى عند 40 ألف دينار جزائري بالنسبة للمواشي المستوردة. ويهدف هذا القرار إلى دعم القدرة الشرائية للمواطنين قبيل المناسبة الدينية، وضمان توفر الأضاحي بأسعار معقولة. كما أشاد الرئيس بالمعطيات الإحصائية الجديدة للقطاع، معتبرًا إياها خطوة أولى في المسار الصحيح نحو نهوض فلاحي حقيقي، مشيرًا إلى أهمية التوسع في الزراعة الصحراوية ومتابعة الإنتاج الميداني بدقة. وسجّل رئيس الجمهورية بإيجابية النمو المحقق في زراعة الزيتون والنخيل والأشجار المثمرة، مشددًا على ضرورة استثماره لدعم الأمن الغذائي الوطني.
وفي السياق القاري، أمر الرئيس باتخاذ كافة التدابير والتسهيلات اللازمة لإنجاح تنظيم الجزائر للمعرض الإفريقي للتجارة البينية، بالنظر لما يكتسيه من أهمية اقتصادية كبرى لتعزيز التبادل التجاري بين الدول الإفريقية. كما شدد على ضرورة التنسيق المحكم بين الوزارات المعنية لضمان نجاح هذا الحدث، بما يعزز الدور الريادي للجزائر على الصعيدين الإفريقي والدولي. ومن بين التوجيهات الاستراتيجية التي أصدرها رئيس الجمهورية، ضرورة تنصيب وتفعيل هيئات محورية في غضون شهر، منها الشباك الوحيد الذي سيكون مكلفًا حصرًا بالاستثمار دون التدخل في التسيير الإداري، بهدف تذليل العقبات البيروقراطية وتمكين المستثمرين من العمل في بيئة محفزة ومرنة. كما أمر بإنشاء هيئتين وطنيتين للاستيراد والتصدير، تتمتعان بطابع مؤسساتي وتخضعان لوصاية الوزير الأول، بهدف ضمان التسيير الفعّال والمرن لعمليات الاستيراد والتصدير عبر جمع وتحليل المعلومات بشكل استباقي، ما يتيح اتخاذ قرارات دقيقة تتماشى مع الاحتياجات الوطنية. وفي ختام الاجتماع، وجه الرئيس وزير التجارة الخارجية وترقية الصادرات إلى تقديم تصورات جديدة لتنظيم عمليات الاستيراد والتصدير بما يتماشى مع استراتيجية اقتصادية شاملة ومستدامة. وقد توج الاجتماع بالمصادقة على مجموعة من المراسيم التي شملت تعيينات وإنهاء مهام في مناصب ووظائف سامية في الدولة، ضمن حركية مستمرة تهدف إلى تحسين الأداء الإداري والمؤسساتي. في ذات السياق يعكس هذا الاجتماع حرص رئيس الجمهورية على المتابعة الدقيقة لمختلف الملفات الوطنية، وسعيه الدؤوب لتحقيق الإصلاحات المنشودة في إطار بناء دولة قوية، عادلة، وذات رؤية تنموية شاملة تستجيب لتطلعات المواطنين وتواكب التحديات الوطنية والدولية.
صالح.ب