تشهد الوكالات البنكية المتواجدة عبر ساحة الثورة بمدينة عنابة وساحات عمومية أخرى منذ بداية شهر ديسمبر الجاري طوابير ليلية من قبل الراغبين في الاستفادة من منحة السفر المقدرة بـ 750 أورو، مع بداية العد التنازلي لنهاية السنة لتحصيل الفارق بين سعر شراء العملة الأوروبية الموحدة في البنوك وسعر البيع في السوق السوداء بعد العودة من الجارة تونس، التي تعتبر مقصد المئات يوميا خلال الأسابيع الأخيرة لاستكمال إجراءات الاستفادة من المنحة، خاصة بعد ظهور طرق جديدة لقضاء مدة 7 أيام المنصوص عليها قانونا.
حيث تشهد ساحة الثورة التي تعرف انتشارا كبيرا لوكالات البنوك المختلفة، إلى جانب ساحة قصر الثقافة ومناطق تواجد الوكالات البنكية التي تمنح منحة السفر على غرار شارع جيش التحرير وحي الصفصاف وحي 900 مسكن بالبوني وحي 08 مارس وغيرها، قضاء عشرات المواطنين ليال كاملة في الخارج بتوافد يوميا بداية من الساعة العاشرة والحادية عشر ليلا أو الساعة الثالثة والرابعة فجرا للظفر بدور للاستفادة من “التصريفة” في ساعات الصباح الأولى في إحدى الوكالات البنكية، وهو ما وقفت عليه “أخبار الشرق” في جولات ليلية على مدار الأيام الماضية ببعض مناطق البلديات الكبرى للولاية التي تتواجد بها وكالات بنكية، لتحقيق هامش الربح المقدر بقرابة 8 ملايين سنتيم من خلال الفارق بين سعر شراء الأورو من البنوك بأكثر من 16 ألف دج لـ 100 أورو وسعر البيع في السوق الموازية المقدر بـ قرابة 28 ألف دج، وتوفير مبالغ تتراوح بين 5 و6 ملايين سنتيم لكل مستفيد بعد خصم تكاليف السفر والإقامة لمدة 7 أيام كما يشترطه التنظيم. بل وإن بعض الشباب وجدوا في الحصول على دور أمام إحدى الوكالات البنكية فرصة لبيعه بمبالغ 2000 و3000 دج.
وفي ذات السياق، وموازاة مع هذه الظاهرة التي تشهدها العديد من الأماكن العمومية ببلديات الولاية، استحدث بعض السماسرة ومستغلو الفرص قضية منحة السفر والفارق المتحصل عليه بتنظيم رحلات جماعية للأصدقاء والعائلات بالسيارات السياحية العامة على خط تونس-عنابة وبعض الولايات المجاورة، مع توفير الإقامة في منازل يتم تأجيرها في تونس وإعادة تأجيرها للمسافرين من أجل قضاء فترة السبعة أيام بمبالغ تتراوح بين 300 و350 دينار تونسي للأسبوع، أو من خلال توصيلهم مباشرة إلى ملاكها التونسيين لتأجيرها منهم مع استفادتهم من عمولة مقابل جلب الزبائن.
وفي هذا الصدد، كشف بعض المستفيدين أن تكاليف السفر والإقامة في منازل تؤجر جماعيا لمدة 7 أيام مع مصاريف الأكل تصل إلى ما بين 2.5 و3 ملايين سنتيم بالعملة الجزائرية للفرد، ما يسمح له بادخار مبلغ مالي يصل إلى ما بين 5 ملايين سنتيم في التصريفة الواحدة. وهي الوضعية التي جعلت البوابات الحدودية البرية الشرقية للوطن تشهد توافدا كبيرا للمسافرين المتوجهين إلى تونس بسبب التصريفة، بل وأن البعض يقوم بالدخول والخروج في نفس اليوم مع علمهم بالإقصاء لمدة 5 سنوات في حال عدم إكمال المدة المطلوبة تحت مبدأ “أحيني اليوم واقتلني غدا”.
وبهذه المعطيات والظواهر تكون منحة السفر التي أقرتها الدولة بهذه القيمة لتمكين المواطنين من الاستجمام والسفر بأريحية، حيلة للكسب من قبل البعض من خلال إعادة إدخال ما تبقى من العملة الصعبة وبيعها في السوق الموازية التي شهدت دخول مبالغ معتبرة في الأيام الأخيرة نتيجة هذه الظاهرة، والتي قد تستوجب تدخلا مفصليا للهيئات المعنية لضبطها في ظل الاستنزاف الحاصل لرصيد العملة الصعبة بهذه الحيل المستحدثة.
لطفي.ع
