تلقت وزارة التجارة وترقية الصادرات سؤالًا كتابيًا من النائب بالمجلس الشعبي الوطني سكلولي وليد، والمتعلق بملف اللحوم الحمراء المحلية من الأغنام، وهو الموضوع الذي اعتبرته الوزيرة من الملفات ذات الأهمية البالغة بالنظر لارتباطه المباشر بالحياة اليومية للمواطنين وبالتوازن الحيوي للسوق الوطني.
وفي ردها الرسمي، أكدت وزيرة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية أمال عبد اللطيف أن انشغال النائب يعكس وعيًا وحرصًا على متابعة جهود الدولة لضمان الأمن الغذائي واستقرار الأسعار، مشيرة إلى أن هذا الاهتمام يتماشى مع النهج التنموي والاجتماعي الذي تنتهجه الجزائر لحماية القدرة الشرائية للمواطن. وأكدت الوزيرة أنه، بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية، جعلت من حماية القدرة الشرائية وتحسين شروط اقتناء المواد واسعة الاستهلاك أحد الركائز الإستراتيجية للسياسة الاقتصادية الوطنية.
وفي هذا الإطار، تم اعتماد سلسلة من الإجراءات الظرفية الهادفة إلى ضمان توفر اللحوم الحمراء المحلية في السوق الوطنية، من خلال متابعة مستمرة لوضعية هذا الأخير، وتفعيل آليات التدخل عند الحاجة، وتسخير الوسائل التنظيمية والعملية لضبطه والحفاظ على استقرار تزويد المنتج، مع الحرص على ألا تتأثر المعاملات التجارية أو سلاسل التسويق بالتحولات الظرفية التي يشهدها نشاط المربين.
وتشير المعطيات الموضوعية إلى أن معدل الاستهلاك الوطني من اللحوم الحمراء يتراوح بين 60 و65 ألف طن شهريًا، وهي كميات لا يغطيها الإنتاج المحلي في الظرف الراهن، ما استدعى الترخيص باستيراد ما بين 20 و25 ألف طن شهريًا لتعويض الفارق بين العرض والطلب. وانطلاقًا من تقييم دقيق لاحتياجات السوق، تم تفعيل مجموعة من التسهيلات الجبائية والجمركية وتعبئة المتعاملين العموميين والخواص، مما مكن من تدعيم السوق خلال سنتي 2024 و2025 ويعكس ديناميكية مؤسساتية فعالة واستجابة سريعة لمتطلبات المواطنين.
وعملًا على تعزيز الوصول الفعلي للمنتوج للمستهلك، أكدت الوزيرة أنه تم فتح نقاط بيع مباشرة عبر مختلف ولايات الوطن تابعة للمجمعات العمومية والخواص، كما تم إصدار مرسوم تنفيذي لتسقيف هوامش الربح في الاستيراد والتوزيع، وهو ما عزز حماية المستهلك وضمان توازن نشاط المتعاملين، مع إحكام الرقابة على كافة حلقات التسويق بالتنسيق مع المصالح الأمنية المختصة. وقد أسفرت جهود الرقابة خلال سنة 2025 عن أكثر من 60 ألف تدخل مكن من كشف التجاوزات المرتبطة بالمسالك غير القانونية والتخزين غير المبرر والممارسات المؤثرة سلبًا على الأسعار.
واستعدادًا لشهر رمضان المبارك لعام 2026، وضعت وزارة التجارة الداخلية وضبط السوق الوطنية بالتنسيق مع كل من وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ووزارة التجارة الخارجية منظومة استباقية محكمة لضمان وفرة المواد ذات الطلب المتزايد خلال هذه المناسبة. وفي هذا الإطار، تم عقد اجتماعات عمل تنسيقية مع المستوردين المعتمدين للحوم الحمراء، أسفرت عن الانطلاق في إجراءات عملية لتأمين تموين السوق بكميات أولية تقدر بـ 29,545 طن من اللحوم خلال الفترة الممتدة من 15 جانفي إلى 15 مارس 2026، ضمانًا لتلبية احتياجات المواطنين.
ولتعزيز هذا التوجه مؤسساتيًا، جاء مشروع قانون المالية لسنة 2026، الذي حظي بمصادقة، بإقرار نظام تفضيلي استثنائي يقضي بالإعفاء من الرسوم والحقوق الجمركية لفائدة واردات الأغنام والأبقار الموجهة للذبح خلال الفترة التي تسبق المناسبات الدينية الكبرى، وبشكل خاص إلى غاية 30 جوان 2026.
وانسجامًا مع هذه الرؤية، رخصت السلطات العمومية عند الاقتضاء باستيراد المواشي الحية من أجل تدعيم السوق الوطني والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن بما يعزز الاستقرار والوفرة ويضمن جودة التموين طيلة هذه المرحلة الحساسة.
وفي ذات السياق، ذكرت الوزيرة أيضا أن الوزارة اعتمدت مقاربة استباقية من خلال إنشاء خلية متابعة مركزية على مستوى الوزارة، مهمتها مواكبة حركة التموين اليومية، وتسجيل بيانات الأسواق، وتحليل تطور الأسعار، ومعالجة الإخطارات، إضافة إلى إعداد تقارير دورية تتضمن توصيات للتدخل الفوري عند الحاجة.
واختتمت الوزيرة ردها بالتأكيد على أن التدابير المتخذة من قبل الوزارة تعكس حرص الدولة على حماية المواطن وضمان تلبية احتياجاته الأساسية بكفاءة وعدالة، مع متابعة دقيقة لجميع حلقات التموين والأسواق، واستمرار الوزارة في هذا النهج بثبات ومسؤولية، مواصلة جهودها في ضبط السوق ومحاربة كافة أشكال المضاربة، وتعزيز الشراكة المؤسسية مع مختلف المتدخلين خدمة للوطن والمواطن.
ريم دلالو