وجّه الباحث في التراث الشعبي والشعر الملحون خالد ياسين شهلال مناشدة عاجلة إلى وزير الثقافة والفنون، دعا من خلالها إلى ضرورة استحداث هيئة وطنية عليا تحت مسمى “المجلس الأعلى للتراث والأدب الشعبي”، تكون بمثابة مرجعية رسمية لحماية الموروث الثقافي الجزائري وصونه من محاولات الطمس والتزييف. وأكد شهلال في رسالته، التي حررها يوم 20 أوت 2025، أنّ التراث اللامادي الجزائري يتعرض لـ”سرقات ممنهجة وتشويه متعمد”، فضلا عن محاولات نسبه إلى جهات خارجية. واعتبر أن غياب هيئة وطنية مرجعية يسهّل تمرير هذه الاعتداءات الثقافية، مشيرا إلى أن الإهمال التاريخي لهذا القطاع أتاح للآخرين الاستيلاء على عناصر من الهوية الجزائرية وتقديمها كجزء من إنتاجهم.
وشدد الباحث على أن غياب توحيد المصطلحات والمعايير العلمية في التعامل مع التراث، أدى إلى تشويش كبير في عملية التوثيق والنشر وحتى في الأعمال الفنية والسينمائية المستوحاة من الموروث الشعبي. وأضاف أن بعض الدواوين والبرامج الإعلامية التراثية باتت تعاني من “معلومات مغلوطة ومصطلحات غير دقيقة”، مما يسيء إلى أصالة المحتوى الثقافي. واعتبر شهلال أن “الأمن الثقافي أصبح اليوم جزءا لا يتجزأ من الأمن القومي”، وأن المعركة حول التراث لا تقل خطورة عن المعارك الجيوسياسية، إذ يشكل كل تزييف لروايتنا التاريخية محاولة لضرب أسس الهوية الوطنية. كما أشار إلى أن غياب مرجعية رسمية يعقّد من جهود الجزائر في إعداد الملفات الخاصة باليونسكو والمنظمات الدولية، حيث تظل مشتتة وغير موحّدة، ما يُفقدها القوة والحجية. وطالب الباحث وزارة الثقافة بـ”إطلاق مسار عاجل لاستحداث المجلس الوطني المرجعي”، ومنحه صلاحيات علمية واستشارية وتنظيمية تتيح له حماية التراث الجزائري وتوحيد الرواية الوطنية بشأن مكوّنات الهوية الثقافية، على غرار مرجعية مازونة التاريخية التي كانت مرجعا مغاربيا رائدا.
وختم شهلال مناشدته بالتأكيد على أن هذا المجلس سيكون “صمّام أمان للتراث الجزائري” ومرجعا رسميا تعتمد عليه الدولة ومؤسساتها في كل ما يتعلق بالهوية والذاكرة الجماعية.
ق.ث