تعد معركة “دوار بني صبيح” الشهيرة بمنطقة السطارة ببلدية غبالة بولاية جيجل (26 و27 أفريل 1958) واحدة من أكبر المعارك وأشرسها والتي خلفت المئات من الشهداء والقضاء على أزيد من ألف عسكري من العدو الفرنسي، ويروي المجاهد، محسن إبراهيم وهو أحد الناجين من المعركة بعد أن أبيدت عائلته المكونة من 12 فردا، أن أحداث المعركة تبقى محفورة في ذاكرته لهول ما حدث في ذلك اليوم من تقتيل للمواطنين واستعمال للمعدات الحربية الثقيلة من قصف جوي بالطائرات وبري بالدبابات من طرف المستعمر الذي تكبد هو الآخر خسائر فادحة لم يكن يتوقعها بعد أن لقي مواجهة شرسة من طرف المجاهدين الذين قضوا على المئات من جنوده وتمكنوا من إسقاط طائرتين لازالت أجزاء منها متواجدة بالمنطقة إلى اليوم كشاهد على هول ما حدث.البداية، حسب ذات الشهادة، كانت صبيحة 26 أبريل 1958 أين قام العدو الفرنسي بمحاصرة المنطقة، التي كانت تشكل مركزا تجاريا يشهد حركية كبيرة كما كانت مركز عبور يربط ولايات جيجل وسكيكدة وقسنطينة وميلة، ثم الهجوم بالطائرات والدبابات على دوار بني صبيح، وذلك بعد أن وصلته معلومات بتواجد وتحرك عدد من المجاهدين بالمنطقة. ويذكر المجاهد ابراهيم أن أزيد من 40 طائرة حربية، المعروفة بالطيارة الصفراء، حاصرت المنطقة وقامت بقنبلته ا ب”النابالم”, قبل أن تغادر المكان وتترك المجال لطائرات أخرى محملة بالعساكر الفرنسيين الذين حاصروا المكان من جميع الجهات وقاموا باستعمال الدبابات في هجوم كاسح على المنطقة. وتواصل الهجوم وسط قتال بطولي من طرف المجاهدين إلى غاية المساء، أين أصبح القتال جسديا وبالأسلحة البيضاء. وأضاف بالقول: “حاولت الهروب إلى إحدى المغارات للاختباء وكان عمري لا يتعدى آنذاك 14 عاما. ولما وصلت، كانت النسوة المتواجدة هناك رفقة أطفالهن يطلقن، صيحات “الله أكبر” مرفوقة بالزغاريد”. “بعدها بلحظات، يسترسل السيد ابراهيم، حاصر المستعمر المغارة التي كان بها نحو 30 شخصا آو أكثر جلهم من النساء والأطفال فقام بإطلاق وابل من الرصاص على الجميع دون استثناء، فاستشهد 27 شخصا كان بينهم رضيع لم يتجاوز السنة من العمر كان يبحث عن صدر أمه ليرضع بينما هي غارقة في دمائها. ولم يشفع له ذلك المشهد، فقام أحد الجنود بإطلاق الرصاص عليه فاستشهد وهو على صدر أمه بينما أصبت أنا في رأسي إلا أنني نجوت بفضل من الله لأقف على استشهاد 12 فردا من عائلتي في مشهد مروع لا يمكن نسيانه”. وحسب الأستاذ، داوود بوقلمون, رئيس المجلس العلمي والتقني لمتحف المجاهد بجيجل, فإن معركة السطارة بدوار بني صبيح تعد واحدة من المعارك الكبرى خلال الثورة التحريرية بالنظر للعدة والعتاد المستعمل فيها من طرف المستعمر الذي مارس القتل بشكل مروع في حق الجميع، من مجاهدين ونساء وأطفال وشيوخ, استشهد خلالها نحو 100 مجاهد و300 مدني بين أطفال ونساء وشيوخ، في حين تمكن المجاهد مصطفى فيلالي من إيجاد منفذ لتهريب ما تبقى من مجاهدين. كما تكبد المستعمر خلالها خسائر فادحة في صفوفه قدرت بالمئات. وحسبما جاء في الجدارية المخلدة للذكرى والموجودة بمحاذاة مقبرة الشهداء بغبالة, فقد سقط في هذه المعركة الخالدة 410 شهيدا بين مدنيين ومجاهدين, في حين تم القضاء على أزيد من 1100 عسكري فرنسي مع إسقاط عدد من الطائرات و تدمير الدبابات.
حنان.ر