في خطوة تهدف إلى تحقيق التوازن بين تعزيز الاقتصاد الوطني وتحسين الإطار المعيشي للمواطنين، وقع رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قانون المالية لسنة 2025، الذي جاء محملاً بتدابير طموحة ترمي إلى ترقية الاستثمار وتحفيز النمو الاقتصادي، مع الحفاظ على البعد الاجتماعي الذي يمثل أولوية للسلطات. من أبرز ملامح قانون المالية 2025 إدخال آلية “الصكوك السيادية”، التي تتيح للأفراد والشركات المساهمة في تمويل المنشآت العامة ذات الطابع التجاري، مع منح إعفاءات ضريبية على الدخل والأرباح لمدة خمس سنوات، إلى جانب إعفاء من رسوم التسجيل والإشهار العقاري. هذه الصكوك، التي تصدرها الخزينة العمومية أو تتداول في الأسواق المنظمة، تأتي لتعزيز الثقة في السوق المالية ودفع الاستثمار الوطني. كما يواصل القانون تقديم الدعم لمناطق الجنوب، عبر تمديد التخفيض بنسبة 50% على الضرائب المفروضة على الدخل الإجمالي أو أرباح الشركات لمدة خمس سنوات إضافية، وهو إجراء يهدف لتحفيز النشاط الاقتصادي في هذه المناطق.
دعم الشركات الناشئة والمبتكرة
في سياق تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، أعفى القانون العقود المتعلقة بتأسيس الشركات المبتكرة والعقارات التي تقتنيها الشركات الناشئة أو حاضنات الأعمال من حقوق التسجيل. كما منح هذه الشركات إعفاءات ضريبية إضافية عند تجديد علاماتها، فضلاً عن زيادة رأس المال الاجتماعي للصندوق الوطني للاستثمار (FNI) من 150 مليار إلى 275 مليار دينار، ما يعكس التزام الدولة بدعم الاستثمار طويل الأمد. على الجانب الاجتماعي، أقر قانون المالية سلسلة من التدابير لتحسين الإطار المعيشي للمواطنين. شملت هذه التدابير تغطية الخزينة للفوائد خلال فترة تأجيل القروض، وتخفيض معدلات الفائدة بنسبة 100% على قروض السكن في إطار برنامج “عدل 03”. كما قدم القانون تخفيضاً بنسبة 10% للمستفيدين الذين يسددون أسعار مساكنهم دفعة واحدة قبل الموعد المحدد. وفي خطوة لدعم الأسر، تم تمديد الترخيص للبنوك بمنح قروض استهلاكية، لتشمل تمويل الخدمات مثل الصحة والسفر، إلى جانب الإعفاءات الجبائية على واردات السلع الأساسية، بما في ذلك اللحوم البيضاء والبقول الجافة والفواكه والخضروات الطازجة.
توسيع الوعاء الضريبي دون فرض ضرائب جديدة
تميز قانون المالية 2025 بمقاربة تعتمد على توسيع الوعاء الضريبي عبر إدخال تحفيزات وتسهيلات تستهدف مختلف القطاعات الاقتصادية، من دون فرض ضرائب جديدة. ومن بين هذه التدابير، تطبيق نسبة جمركية مخفضة بنسبة 5% على استيراد لحوم ومواشي معينة، ما يعكس التزام السلطات بتخفيف الأعباء المالية على المواطنين وتحقيق الأمن الغذائي. في ذات الجانب يعكس قانون المالية لسنة 2025 رؤية متوازنة بين تعزيز الاستثمار ودعم الفئات الأكثر احتياجاً، مع التركيز على تحسين جودة الحياة لجميع المواطنين. إنه خطوة طموحة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الثقة في السياسات الاقتصادية للدولة، وهو ما يعكس التزام الحكومة بمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية بروح الابتكار والاستدامة.
ر.م