الشهيد الجيلالي بونعامة المولود سنة 1926 هو من أبرز القادة العسكريين الذين تناوبوا على قيادة الولاية العسكرية الرابعة، حيث واجه الاستعمار الفرنسي قائدا عسكريا صارما وسياسيا محنكا، وكان يؤمن بأن استقلال الجزائر لن يتأتى إلا بالعمل العسكري والسياسي والدبلوماسي معا. وعند اطلاعنا على مختلف الشهادات حول سيرة الشهيد جيلالي بونعامة، وجدنا إجماعا على حرص الشهيد على ضمان التكوين النوعي لجميع المجاهدين لاسيما الراغبين في الانخراط في صفوف جبهة التحرير سواء من الناحية العسكرية أو السياسية والدبلوماسية. كما كان الشهيد لا يولي أهمية للرتب العسكرية في تعاملاته مع المجاهدين، لأنه كان يعتبر أن الجميع تركوا عائلاتهم وكلهم مستعدون لوهب أرواحهم في سبيل حرية الجزائر، وهذه الصفة “زادت من شعبيته وسط المجاهدين”، بالإضافة إلى تمتعه بصفات القائد العسكري، كان أيضا يكن كل الاحترام والتقدير للمثقفين والمتعلمين، ويحرص على الاستعانة بهم واستشارتهم عند تدوين المناشير والإعلانات والرسائل الموجهة للرأي العام، مؤكدا أنه لعب “دورا هاما” في إيصال صوت الجزائر إلى الخارج من خلال اتصالاته بالصحفيين الأجانب. وقال رفاق الشهيد إنه تقلد زمام الولاية الرابعة في ظروف “صعبة”، وبمجرد تعيينه على رأسها، قام بجولة تفقدية عبر كل مناطقها لتحديد النقائص التي يواجهها المجاهدون وعلى رأسها إشكالية التسليح، ليقرر بعدها وضع مخطط يسمح لهذه الولاية باتصال مع الخارج سواء تعلق الأمر بالحكومة المؤقتة في تونس أو بممثلي الثورة في أوروبا من خلال تكوين أفراد قادرين على القيام بمهام خارج البلد. وقد حقق المخطط الذي وضعه العقيد بونعامة الأهداف المرجوة منه، إذ بعد مرور شهر من تطبيقه، استقبل قياديو الولاية أسلحة من نوع رشاشات ومسدسات قادمة من ألمانيا وإيطاليا وتشيكوسلوفاكيا، حسب شهادة المجاهدين. وإثر اندلاع الثورة التحريرية، التحق الجيلالي بونعامة بصفوف جبهة التحرير وتقلد سنة 1957 رتبة قائد المنطقة الثالثة بالولاية التاريخية الرابعة والتي أضحت محرمة على المستعمر الفرنسي بفضل تمكنه من إحكام السيطرة على هذه المنطقة وتحقيق انتصارات في جميع المعارك التي خاضها، ليعين بعدها بسنة بمجلس الولاية الرابعة كرائد عسكري إلى جانب سي محمد بوقرة. وبالرغم من اغتيال والديه وتوقيف أخيه الأكبر وتهديم منزلهم من قبل الجيش الفرنسي انتقاما منه، إلا أنه واصل جهاده في سبيل استرجاع حرية بلده وشعبه إلى غاية سقوطه في ميدان الشرف يوم 8 أوت 1961 بعدما كشف العدو الفرنسي مركز قيادة الولاية الرابعة الكائن بوسط مدينة البليدة.