وجّه صالح قوجيل، رئيس مجلس الأمة المنتهية عهدته، رسالة وداع وشكر إلى زملائه مع إسدال ستار خمس سنوات عاصفة شهدت تحوّلاً سياسياً عميقاً في الجزائر. في كلماته الأخيرة من موقعه على رأس الغرفة العليا، استحضر الرجل البالغ 92 عاماً اللحظة التي منحه فيها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ثقته سنة 2019، معتبراً أنّ تلك الثقة «أفسحت لي المجال لأواصل خدمة وطني عبر مؤسسة دستورية موقّرة، في ظرف وطني يؤرخ لبداية مرحلة جديدة».
قوجيل ربط حصيلته بالمسار الذي أعقب حراك 22 فيفري الشعبي، مؤكداً أنّ المجلس «رافق مساراً وطنياً جديداً طالب باقتلاع جذور الفساد لتستعيد الجزائر أمانة شهدائها». واستحضر بنبرة لا تخلو من الاعتزاز سنواته البرلمانية الطويلة؛ من عضو ونائب رئيس إلى رأس المؤسسة، قائلاً إنّه عمل «على خدمة مصلحة الجزائر وتجسيد تطلعات الشعب وتكريس الديمقراطية» مستنداً إلى ما يمنحه الدستور من صلاحيات للبرلمان.
المناضل القديم في صفوف الحركة الوطنية وجيش التحرير استغل رسالته ليذكّر بدروس نوفمبر و«الاهتمام غير المسبوق» الذي يُوليه الرئيس تبون للذاكرة الوطنية، مؤكداً أنّ مجلس الأمة تحوّل في ولايته إلى «منبر صادق تنهال عبره الشهادات التاريخية». وفي إشارة إلى استمرارية الالتزام، ختم قوجيل رسالته بقوله: «أغادر مطمئن القلب؛ الجزائر المنتصرة لن تخيب بمؤسساتها القوية وكفاءاتها الوطنية وأبنائها الصالحين».
في ذات السياق رحيل قوجيل يفتح الباب أمام تجديد هياكل الغرفة العليا بعد استكمال التجديد النصفي، في وقت تتطلع فيه السلطة إلى برلمان أكثر تجانساً مع الإصلاحات الاقتصادية والسياسية الجارية. ومع أن الرسالة بدت نصاً شخصياً مثقلاً بالذكريات، فإن ما بين السطور يوحي بإصرار رسمي على إبقاء الذاكرة الثورية حيّة وربطها بمشاريع الحاضر، وسط رهانات على دور المؤسسة التشريعية في تمرير القوانين ذات الأولوية—من قانون الاستثمار إلى مراجعة المنظومة الجبائية—لترجمة وعود «المرحلة الجديدة» على أرض الواقع.
ر.م