أجمع أساتذة مختصون في التاريخ, اليوم السبت, في ندوة تاريخية تمحورت حول الذكرى الثمانين لمجازر 8 ماي 1945, أن هذه المذابح التي ارتكبها المستعمر الفرنسي في حق جزائريين عزل تشكل جرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم.
وخلال هذه الندوة المنظمة في إطار الطبعة الـ 28 لصالون الجزائر الدولي للكتاب, تزامنا مع إحياء الذكرى الـ71 لاندلاع الثورة التحريرية المجيدة, أوضح المشاركون أن مجازر 8 ماي 1945 كانت واحدة من مئات المذابح التي اقترفها المحتل الفرنسي في حق الجزائريين, ما يجعل منها “جرائم ضد الانسانية لا تسقط بالتقادم, لكونها تجاوزت ما قد يتصوره العقل البشري”.
وفي هذا السياق, لفت المؤرخ محمد القورصو إلى أن المقاربة التي تجمع بين تحليل القانون الدولي والتحليل الاجتماعي-التاريخي الموضوعي لهذه المجازر “تؤكد أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر مثل في حد ذاته عدوانا على الانسانية”, حيث “كانت الغاية من وراء هذه المذابح استبدال شعب بآخر وثقافة بأخرى ودولة بأخرى”.
وفي معرض تذكيره بخلفيات مجازر 8 ماي 1945 التي أعقبت انتصار الحلفاء على النازية, توقف السيد القورصو عند جملة من المؤشرات التي خلفتها هذه الفظائع, وفي مقدمتها “تنامي اقتناع الشعب الجزائري بضرورة التحرر من نير الاستعمار, في وقت غاب فيه عن فكر المحتل عمق الشعارات التي سكنت ضمائر كل الجزائريين” وبأن “الفكر الثوري يتوارث جيلا بعد جيل وهي الحقيقة التي لم يدركها المستعمر الفرنسي”.
من جهته, استعرض الباحث في التاريخ, جمال يحياوي, في مداخلة له, أهم خصائص الجرائم الاستعمارية في الجزائر, حيث أكد أنها “تختلف تماما عن كل ما نعرفه وإن كنا نشاهد اليوم نماذج من هذه الجرائم في فلسطين المحتلة, ما يظهر أن الكيان الصهيوني تلميذ يتعلم مما ارتكبه الاستعمار الفرنسي في الجزائر”.
بدوره، تطرق الأستاذ محمد لحسن زغيدي, المختص في ملف الذاكرة الوطنية, الى أسلوب الإبادة الشاملة الذي انتهجه الاستعمار الفرنسي لضمان السيطرة الكاملة على الجزائر، مستدلا في ذلك ببعض مقولات كبار الجنرالات الفرنسيين، والتي كانت تدعو الى التقتيل والتدمير.
من جهته, توقف الكاتب والصحفي كمال بن يعيش عند “النية المبيتة لدى المسؤولين الفرنسيين في إبادة الجزائريين الذين خرجوا للاحتفال بانتصار الحلفاء وتذكير فرنسا بوعودها لهم حول حقهم في تقرير مصيرهم.
أما أستاذ التاريخ بجامعة أوستن بولاية تكساس الأمريكية , كلود بنجامين براور, فقد وجه مداخلته نحو الصدى العالمي الذي خلفته مجازر 8 ماي 1945, لا سيما داخل الولايات المتحدة الأمريكية, مذكرا بأن “ما حدث في الجزائر من جرائم في ذاك التاريخ, تابعته الصحف الامريكية بتفاصيله وكتبت عنه في صفحاتها الأولى”.
وأضاف أن الإعلام الامريكي كان “معاديا لسياسة فرنسا الاستيطانية” وأن “القضية الجزائرية كانت هامة جدا من المنظورين الأمني والاستراتيجي”.
