جعلت الجزائر من التحول الرقمي ركيزة أساسية في استراتيجيتها لتحديث وتطوير كافة القطاعات الحكومية. يهدف هذا المسار إلى عصرنة تسيير الإدارات والمؤسسات والمرافق العمومية، مما يسهم في تحقيق الشفافية وتحسين الأداء الحكومي من خلال الرقمنة الشاملة لجميع الخدمات والمعاملات.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد أكد في أكثر من مناسبة على ضرورة أن تكون عملية الرقمنة شاملة وموحدة لكل القطاعات الحكومية، تحت إشراف المحافظة السامية للرقمنة. كما أمر بتقديم تقارير مرحلية لمتابعة التقدم المحرز وتسريع إتمام مراحل التحول الرقمي، لما لها من أهمية في تعزيز فعالية العمل الحكومي ومواكبة التحولات العالمية. وتسعى الجزائر إلى إرساء أسس الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي، والتي تهدف إلى تغيير نمط التسيير الحكومي وإضفاء الشفافية، فضلاً عن محاربة البيروقراطية والفساد. وتستند هذه الاستراتيجية إلى ركيزتين أساسيتين، هما قانون الرقمنة الذي يهدف إلى رفع العراقيل وتحقيق التكامل بين كافة الخدمات الرقمية، بالإضافة إلى تعزيز الأمن المعلوماتي والسيبراني لحماية المعطيات الوطنية.
وفي إطار تنفيذ هذه الاستراتيجية، قامت المحافظة السامية للرقمنة بتوقيع صفقة في أفريل الماضي لإنجاز المركز الوطني الجزائري للخدمات الرقمية مع مجمع “هواوي كونسورسيوم”. وأكدت الوزيرة، مريم بن مولود، أن هذا المركز سيحقق السيادة الرقمية، ويعمل على توطين المعلومات الوطنية، فضلاً عن توفير قاعدة بيانات وطنية لضمان التنسيق الفعّال بين مختلف القطاعات الوزارية. و فيما يتعلق بالبنية التحتية للربط، قطعت وزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية أشواطًا كبيرة، حيث تم إنجاز 200 ألف كلم من شبكة الألياف البصرية وربط قرابة 6 ملايين أسرة بالإنترنت الثابت، بالإضافة إلى تحسين سرعة التدفق المحلي التي بلغت 10.8 ميغابايت في الثانية وزيادة النطاق الترددي الدولي ليصل إلى 9.8 تيرابايت في الثانية.
من جانبها، سجلت وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي تقدمًا في بناء البنية التحتية الرقمية، حيث أنشأت 12 مركزًا للبيانات وأدرجت 86 خدمة إلكترونية ضمن البوابة الحكومية للخدمات العمومية. كما قامت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بإطلاق 60 منصة رقمية، في حين ساهمت الرقمنة في ترشيد النفقات وتحسين الخدمات الجامعية.
قطاع التربية الوطنية كان أيضًا في صدارة التحول الرقمي، حيث اعتمدت الرقمنة في جميع عمليات التمدرس والتكوين والتوظيف. وفي قطاع المالية، تم تحقيق تقدم كبير في رقمنة الخدمات المالية والمصرفية، كما تم تشجيع الابتكار في هذا المجال. أما في قطاع الصحة، فقد تم إطلاق منصة رقمية لتسيير وتنظيم جميع مصالح الاستعجالات الطبية، بالإضافة إلى رقمنة مسار علاج المرضى. كذلك، حققت وزارة العدل تقدمًا في استخدام تكنولوجيا المعلومات لتعزيز الخدمات القضائية، في حين وضعت وزارة الداخلية والجماعات المحلية خطة تحوّل رقمي للسنوات 2025-2026 تهدف إلى رقمنة الإجراءات الحكومية وتحقيق نجاعة أكبر في تسيير الشأن العام. في ذات السياق إن الجزائر، بتسريعها لعملية التحول الرقمي، تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها في تطوير الحكومة الإلكترونية، مما يعكس التزامها بإحداث نقلة نوعية في كافة القطاعات لصالح المواطن وتحقيق تنمية مستدامة.
ر.م