أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، خلال إشرافه على لقاء مع المتعاملين الاقتصاديين بالمركز الدولي للمؤتمرات “عبد اللطيف رحال” بالجزائر العاصمة، تمسك الدولة بمجانية التعليم باعتباره مكسبا اجتماعيا لا يمكن التفريط فيه، رغم الأعباء المالية الكبيرة التي تتحملها الخزينة العمومية. وشدد الرئيس تبون على أن الجزائر، التي تمكنت من القضاء على الأمية بعد أن كانت نسبتها تقارب 90 بالمائة غداة الاستقلال، لن تتخلى عن هذا الإنجاز الذي يعد ركيزة أساسية في مسار التنمية الوطنية وبناء الإنسان.
وفي كلمته بالمناسبة، دعا رئيس الجمهورية المتعاملين الاقتصاديين، سواء كانوا من القطاع العمومي أو الخاص، إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتهم، داخليا وخارجيا، باعتبار أن مصداقية الدولة فوق كل اعتبار. وأكد أن الجزائر تسعى إلى ترسيخ صورة قوية وموثوقة لدى شركائها، وهو ما يقتضي انضباطا ومسؤولية من جميع الفاعلين الاقتصاديين.ولم يخف الرئيس أهمية تعزيز القدرات الإنتاجية كما ونوعا، داعيا إلى مضاعفة الجهود من أجل جعل المنتجات الجزائرية أكثر تنافسية على المستوى الدولي، خاصة في القطاعات التي تعرف طلبا واسعا. وأقترح في هذا السياق اعتماد نظام المناوبة بثلاث فرق عمل متعاقبة لزيادة حجم الإنتاج وضمان ديناميكية أكبر في السوق. كما أبرز أنه لا فرق بين المتعاملين العموميين والخواص، فالجميع معني بالنهضة الاقتصادية وتحمل المسؤولية الوطنية في تحقيق التنمية المستدامة.
وجدد رئيس الجمهورية التزام الدولة بمرافقة المتعاملين الذين يسعون إلى توسيع نشاطاتهم، من خلال تسهيلات وإجراءات عملية، على غرار القروض وآليات الدعم الأخرى. وأشاد في المقابل بالنجاح الكبير الذي حققته الجزائر في تنظيم الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، الذي احتضنته العاصمة في سبتمبر الماضي، والذي مثل محطة بارزة في إبراز القدرات الاقتصادية للجزائر أمام الأشقاء الأفارقة والشركاء الأجانب.وأوضح تبون أن هذا الحدث الاقتصادي الكبير سمح بإبرام صفقات تجاوزت قيمتها 48 مليار دولار، منها أكثر من 11 مليار دولار من نصيب الجزائر، إلى جانب عقود أخرى بقيمة 11.6 مليار دولار ما تزال قيد التفاوض. واعتبر أن هذه الأرقام تمثل دليلا واضحا على الاهتمام المتزايد بالمنتوج الجزائري، لا سيما في مجالات الصناعات الغذائية والدواء والمنتجات الكهرومنزلية والكيماويات، وهي قطاعات قطعت فيها الجزائر أشواطا معتبرة.كما أبرز أن نجاح المعرض لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة تعبئة جماعية لمختلف القطاعات والهيئات، من وزارات ومؤسسات اقتصادية وأجهزة أمنية أثبتت احترافية عالية. واعتبر أن التنظيم المحكم للتظاهرة، والنتائج التي تحققت من خلالها، رسخت موقع الجزائر كوجهة قادرة على احتضان فعاليات اقتصادية إقليمية ودولية كبرى.
وفي سياق آخر، أعلن رئيس الجمهورية عن تحويل لجنة متابعة نتائج المعرض إلى مصالح الوزير الأول، بهدف ضمان متابعة دقيقة لتنفيذ العقود المبرمة، مؤكدا أن الدولة لن تتسامح مع أي إخلال بالالتزامات التعاقدية. كما كشف عن هدف رفع مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام إلى 13 بالمائة، بعدما كانت لا تتعدى 3 بالمائة سنة 2019، مشيرا إلى أن الجزائر تمتلك الإمكانيات التي تسمح برفع الناتج الداخلي الخام إلى 400 مليار دولار في أفق سنة 2027.
وختم الرئيس تبون بالتأكيد على أن الدولة القوية هي تلك التي ترتكز على اقتصاد متين وجيش قوي وشعب واع ووطني، مضيفا أن النجاح المحقق في معرض التجارة البينية الإفريقية يشكل حافزا لمواصلة العمل من أجل تعزيز مكانة الجزائر في القارة الإفريقية وعلى الصعيد الدولي.
مراد.م