أشرف، أمس، والي سوق أهراس عبد الكريم زيناي، على إحياء الذكرى 69 لاستشهاد البطل جبار عمر بمعية رئيس المجلس الشعبي الولائي وبحضور السلطات المدنية والأمنية، أعضاء الأسرة الثورية وذلك على مستوى بلدية سيدي فرج، دائرة المراهنة.
وقد استُهِلّت المناسبة برفع العلم الوطني والاستماع للنشيد الوطني، تلتها تلاوة فاتحة الكتاب ترحماً على أرواح الشهداء الأبرار، ووضع إكليل من الزهور على النصب التذكاري، وسط حضور جمع غفير من المواطنين، ليتم بعدها تقديم كلمات تأبينية ونبذة تاريخية عن حياة ونضال الشهيد من طرف الأمين الولائي لمنظمة المجاهدين، كما تم تدشين ملحقة المتوسطة بأولاد عباس ببلدية سيدي فرج وضع حيز الخدمة لمشرع إعادة الاعتبار للطريق الوطني الرابط بين الطريق البلدي رقم 75 والطريق الولائي رقم 01، وجاءت هذه الوقفة التاريخية لتُجدد العهد مع أرواح الشهداء، وتُعزز في نفوس الأجيال الناشئة قيم الوطنية والوفاء لتضحيات من صنعوا مجد واستقلال الجزائر.
الجدير بالذكر، ولد الشهيد جبار عمر خلال 1930 بمنطقة ملاق(سيدي فرج) من عائلة فقيرة اتخذت من الفلاحة وتربية الماشية موردا للرزق حفظ ما تيسر من القرآن الحكيم عند شيوخ المنطقة ولم يستطع كغيره من الجزائريين الالتحاق بالمدارس الفرنسية، وعند بلوغه سن العاشرة انتقلت أسرته إلى مدينة الونزة بسبب الظروف القاسية وضيق الحال وحطت رحالها بحي البياضة، خلال هذه الفترة عرف الشهيد جبار عمر وأدرك معنى الاستعمار وكيف هي الفوارق بين عائلات الكولون وباقي الأسر الجزائرية، وما إن بلغ سن 23 حتى تمكن عمر من ولوج عالم الكبار أين تحصل على عمل بمنجم الحديد بالونزة إلا أنه سرعان ما تركه بسبب المعاملة السيئة والتمييز المسلط على العمال الجزائريين وكيف يستغل أكثرهم وكأنهم حيوانات ضالة وليسوا من البشر، وبحكم قرب مدينه الونزة من الحدود التونسية، ربط الشهيد جبار عمر رفقة صديقه الشهيد السبتي بومعراف علاقات مع بعض الثوار التوانسة الذين يأتون إلى ضواحي الونزة للتزود بالمؤونة وشراء الأسلحة من أبناء الريف وكادا أن يلتحقا بالثورة التونسية لو لا تدخل جبار عمر وإقناع السبتي بومعراف بالتريث والانتظار قليلا، ومع بداية 1954 تكونت مجموعات إحداها شمالا يقودها الشهيد باجي مختار، رباحي نوار وبوبكر بن زيني وأخرى جنوبا تنشط بين تونس ومحيط منطقة الونزة تتكون من جبار عمر مدغين محمد، السبتي جبار والطاهر الزبيري وهناك كذلك خلايا أخرى تنشط على مستوى منطقة تاورة وتعمل في سرية تامة يتقدمهم كل من عمر ذيابي، السبتي بومعراف، محمد جلايلية ومحمد لخضر سيرين، واستطاع الشهيد باجي مختار لملمة شمل كل هاته الأفواج المتفرقة وإقناعهم بضرورة الالتفاف تحت مشورة واحدة وعدم الانسياق وراء الجهوية والتفرقة وإلا سينسف أملهم في قيام ثورة مسلحة تعصف بطغيان المستدمر الغاشم . للأسف ليلة غرة نوفمبر تعطل الركب بعد أن اسر الشهيد باجي مختار بمدينة عنابة فيما سمي بحادثة الخريطة ولم يستطع عندها جماعة سوق أهراس مواكبة الحدث ، في هذا الحين كان جبار عمر وجماعته يبحثون عن الأسلحة ويتدبرون جمعها ولو بالقوة إن لزم الأمر وفعلا تمكنوا من الحصول عل القليل منها بالإضافة إلى شراء قطعة سلاح بقيمة 5000فرنك فرنسي، وبتاريخ 17نوفمبر 1954 وعندما كان الشهيد باجي مختار متمركزا وجماعته بمزرعة بن شواف بالقرب من مجاز الصفا باغتتهم قوة كبيرة من عساكر العدو استطاعوا خلالها القضاء على القائد باجي مختار وثلاثة من رفاقه وهم عنتر مسعود، محمد لاندوشين ومحمد طرابلسي وأسر تسعة منهم الشهيد طيبي إبراهيم وبهذا وجدت المنطقة نفسها دون قيادة أو حتى خلية نشطة تعوض مجموعة باجي مختار .وفي شهر فيفري 1956 تلقى الشهيد جبار عمر امرأ للتنقل إلى منطقة الأوراس لملاقاة الشهيد مصطفى بن بوالعيد بعد أن فر من سجن الكدية بقسنطينة وفور وصول الوفد بداية شهر مارس إلى منطقة وادي عطاف نواحي كيمل اجتمع خلالها القائد مصطفى بن بوالعيد بقادة النواحي أين قدمت له كل الوفود تقاريرها حول الأوضاع العامة بنواحيهم، وعندها تدخل الشهيد مصطفى بن بوالعيد وقدم شكره للشهيد جبار عمر واثني على مجهوداته وحسن تدبيره، ويروى عنه بأنه مسك بذراع جبار عمر وقال له “أنت لرعدت فرنسا” في إشارة إلى نحافة بدنه وقصر قامته، وبعد عودته إلى سوق أهراس كثف من نشاطه رفقة باقي قادة القطاعات ومن غرائب الصدف أن كل معارك جبار عمر حضرها رفقه صديقه الشهيد السبتي بومعراف نذكر منها معركة الرعدية بالبطوم قتل خلالها أكثر من 30عسكريا، الهجوم على بلدة تاورة 20 أوت 1955، معركة واد بوسبعة ببوخضرة قتل يومها أكثر من 10 عساكر مع غنم رشاش من نوع24/19 وكمين واد ملاق وكان أخر معاركه، حيث استشهد البطل جبار عمر بتاريخ 11 أفريل 1956 بعد جريمة مدبرة بإتقان يخجل الشيطان من ارتكابها.
س.حطاب