يمثل الرصيف المنجمي الجاري إنجازه بميناء عنابة جزءًا أساسيًا من المشروع الضخم والمهيكل للفوسفات المدمج بشرق البلاد، وهو بوابة واعدة لتنويع الصادرات الجزائرية في القطاع المنجمي. يأتي هذا المشروع في إطار استراتيجية وطنية لاستغلال الثروات المنجمية وتثمينها، عبر استثمار منجم الفوسفات ببلاد الحدبة في ولاية تبسة وربطه بميناء عنابة من خلال خط سكة حديدية يمتد على مسافة 422 كيلومترًا، مارًا بولايات سوق أهراس، قالمة، وسكيكدة. يُشرف على إنجاز الرصيف المنجمي الوكالة الوطنية لإنجاز المنشآت المينائية بالتعاون مع تجمع شركات جزائرية صينية، تضم شركة الصين لهندسة الموانئ (CHEC)، وشركة كوسيدار للأشغال العمومية (COSIDER TP)، والشركة الوطنية المتوسطية للأشغال البحرية “ميديترام”. ويعد هذا المشروع حلقة استراتيجية في مسعى الجزائر لزيادة صادراتها خارج المحروقات وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الأسمدة والمخصبات الزراعية. المشروع يمتد على مساحة 82 هكتارًا، ويضم رصيفًا بطول 1600 متر وعمق 16 مترًا، ما يسمح باستقبال البواخر ذات الأحجام الكبيرة. كما سيتم تجهيز الميناء بكاسرة أمواج يبلغ طولها 1400 متر ومنشآت مينائية أخرى، مع مراعاة المعايير الجيو-تقنية المطلوبة في المنشآت البحرية الكبرى. و منذ انطلاق الأشغال في أفريل 2024، تم إنجاز مراحل مهمة شملت تسييج الموقع، إنشاء قاعدة الحياة، وتهيئة الأرضية من خلال عمليات الردم باستخدام الحجارة والحصى والأتربة لتحقيق استقرار المنشآت. كما يتم التعاون بين المهندسين الجزائريين والصينيين في إنجاز الدراسات التنفيذية الطبوغرافية والجيو-تقنية والجيو-فيزيائية لضمان تنفيذ المشروع وفقًا لأعلى المعايير الدولية. وتسهر السلطات المحلية بولاية عنابة على تذليل العقبات التي قد تعترض ورشات الإنجاز، حيث تم اتخاذ تدابير خاصة من قبل المسؤولين التنفيذيين لضمان تزويد المشروع بالكميات اللازمة من المواد الأساسية كالردميات والحجارة من محاجر ولايات عنابة، قالمة، وسكيكدة. و من المتوقع أن يسهم المشروع في خلق فرص عمل هامة، حيث يعمل حاليًا نحو 500 عامل بين تقنيين ومهندسين وعمال ورشات مختصين في الأشغال البحرية. كما يُرتقب أن يشكل الرصيف المنجمي بعد اكتماله بحلول عام 2026 قاعدة استراتيجية لتصدير المنتجات الفوسفاتية المكررة وتعزيز مكانة الجزائر كمصدر رئيسي لهذه المواد الحيوية على الصعيد الدولي. ويعد هذا المشروع الطموح خطوة هامة نحو تنويع الاقتصاد الوطني وتقليل الاعتماد على عائدات المحروقات، فضلًا عن دعم التنمية المحلية وخلق ديناميكية اقتصادية مستدامة في منطقة شرق البلاد.
ر.م