يشهد المعبرين الحدوديين البريين “أم الطبول” و”العيون” والمراكز الحدودية التونسية في الجانب المقابل على مدار الأيام الأخيرة طوابير من السيارات والحافلات تمتد على طول عدة كيلومترات لجزائريين وافدين نحو الجارة تونس لقضاء أيام مع العطلة الصيفية بعد تمديد تاريخ الدخول المدرسي، وطوابير أخرى للعائدين منها مختلطة بين الجزائريين أنهوا عطلتهم وتونسيين قادمين للولايات الشرقية للوطن للسياحة التسوقية ولإقتناء حاجياتهم اليومية والبضائع المطلوبة وحاجيات أبنائهم مع بداية العد التنازلي للدخول المدرسي في البلد المجاور، بحسب ما وقفت عليه “أخبار الشرق” في جولة لها وتصريحات الكثير من الجزائريين والتونسيين على حد السواء.
حيث عادت ظاهرة الطوابير في المراكز الحدودية بين تونس والجزائر خاصة بالولايات الشرقية وفي ذروة موسم الاصطياف، إلى الواجهة مجددا هذه السنة مقارنة بسنوات ماضية، نتيجة للعديد من الأسباب تتقدمها الاقتصادية منها والاجتماعية،
انتظار لقرابة 10 ساعات لبلوغ دور القيام بإجراءات السفر وهذه أسباب التوافد المكثف والمتزامن
حيث بدأ عدد الجزائريين الوافدين إلى الجارة تونس في التزايد بقوة على مدار الأسابيع الثلاثة الأخيرة، ما أدى إلى تشكل طوابير تضم مئات السيارات الخاصة والحافلات التابعة للوكالات السياحية المنظمة لرحلات نحو المناطق السياحية التونسية، واضطرار الذاهبين والعائدين لقرابة 10 ساعات في هذه الطوابير لوصول دورهم في إتمام إجراءات الدخول والخروج رغم التنظيم المسطر من قبل الجزائريين، وتعود أسباب هذا الإقبال الكبير للجزائريين نحو تونس للتمكن من قضاء أيام من العطلة الصيفية في الأيام الأخيرة من شهر أوت مع توقع باستمرار الوضعية خلال الـ 15 يوما الأولى من شهر سبتمبر الجاري، إلى مجموعة من الأسباب بحسب المتتبعين والمختصين في الجانب السياحي، من بينها اتضاح آلية وإجراءات صرف منحة السفر التي رفعت من قبل رئيس الجمهورية إلى 750 أورو للبالغين و300 أورو بالنسبة للقصر، وكذا تأجيل العطلة الدخول المدرسي إلى 21 سبتمبر ما منح فرصة للكثير من العائلات للتوجه نحو تونس، إلى جانب سبب ثالث وبداية التخفيضات لدى الفنادق والمنتجعات التونسية مع نهاية الموسم الصيفي بداية من نهاية شهر أوت وبداية شهر سبتمبر، كما يرى ذات المختصون أن ارتفاع أسعار الفنادق وتكلفة العطلة الصيفية في أغلب الولايات الساحلية الجزائرية من بين الأسباب التي أدت إلى هذا الإقبال المكثف والمتزامن.
سيارات بترقيم مختلف الولايات الجزائرية تتجول في مختلف أرجاء تونس وتنقذ الموسم الصيفي رغم الارتفاع النسبي للأسعار
شهدت المدن التونسيين الساحلية أو السياحية عموما من طبرقة إلى غاية جربة، خلال الأسابيع الأخيرة نتيجة التوافد الكبير للجزائريين من ربوع الوطن، تجول سيارات ساحلية وحافلات الرحلات المنظمة من قبل الوكالات السياحية الجزائرية تحمل ترقيم مختلف ولايات الوطن دون استثناء من شرق وغرب ووسط وجنوب وشمال البلاد بشكل لافت وملحوظ، رغم ما تم تسجيله من ارتفاع نسبي في أسعار الفنادق والمطاعم والصناعات التقليدية وغيرها من البضائع التي تشتهر بها الأسواق التونسية ، بل وحتى سلع الحاجيات اليومية على غرار المواد التغذية العامة، الحلويات، المشروبات، الملابس ومواد التجميل، مقارنة بالسنوات الماضية، ما دفع بالكثير من المختصين إلى التأكيد أن توافد الجزائريين إلى تونس بعد رفع الجزائر لمنحة السفر، أنقذ ما يمكن إنقاذه من الموسم الصيفي في الجارة تونس نتيجة الأوضاع الاقتصادية التي تشهدها والتي من بين أهم أسبابها تراجع السياحة الأوروبية إلى تونس على مدار السنوات الأخيرة باعتراف التنظيمات المهنية لأصحاب الفنادق والوكالات السياحية التونسية وغيرها من الهيئات الرسمية، وهي الأسباب التي زادت من الترحاب الكبير الذي يحظى به السائحين الجزائريين من قبل الأخوة التونسيين وان كان هذا الشعور والترحاب متأصلا ومتجذرا بين الشعبين من القدم، واللذان تجمعهما عادات وتقاليد وتاريخ مشترك، زادته العلاقات الطيبة والتوافق السياسي بين حكومة البلدين تماسكا.
توافد مئات التونسيون إلى الجزائر عبر المراكز الحدودية البرية يوازن الحركية والمعادلة الاقتصادية
في مقابل الإقبال الكبير للجزائريين على المدن التونسية للسياحة، يتوجه يوميا آلاف الجزائريين إلى الولايات الشرقية الجزائرية عبر مئات السيارات والحافلات وإن كان أغلبها للسياحة التسوقية، حيث تختلط طوابير الانتظار في المعابر الحدودية البرية سواء في الذهاب أو الإياب بالمئات منها يوميا، لقضاء بضعة أيام في المدن الجزائرية ومن بينها عنابة، الأمر الذي وازن المعادلة الاقتصادية نسبيا، حيث يجد الكثير من التونسيين ضالتهم في الأسواق والمحلات التجارية بالمدن الشرقية للوطن لاقتناء حاجياتهم اليومية من سلع وبضائع ومستلزمات على غرار قطع غيار السيارات ومستلزمات الأفراح والملابس الجاهزة المستوردة والمحلية ومواد التجميل والأحذية وغيرها، وفي الفترة الحالية يتجه الإقبال الكبير للتونسيين إلى المستلزمات المدرسية خاصة مع اقتراب الدخول المدرسي لأبنائهم، نتيجة الفارق الكبير في الأسعار فعلى سبيل المثال في الجزائر مأزر تلميذ لا يتعدى سعره 1000 دج للنوعية الجيدة أي ما يعدل قرابة 13 دج تونسي بسعر السوق السوداء في حين يبلغ سعره في تونس أزيد من 25 دج، إلى جانب بقية المستلزمات من حقائب مدرسية وملابس جاهزة وكراريس وغيرها، ومن خلال ذلك فإن التونسيين أصبحوا في السنوات الأخيرة مساهمين في تنشيط الحركية التجارية في الولايات الشرقية للوطن من خلال السياحة التسوقية، بل وإن بعض وكالات السفر التونسية أصبحت تنظم رحلات بالحافلات بسعر قرابة 150 دينار تونسي، خاصة بالتسوق نحو مدن شرقية بالوطن والمراكز التجارية والأسواق عبر عديد ولايات الوطن على غرار عنابة، قسنطينة، ريتاج مول، سوق العلمة، وسوق عين فكرون، ومحلات قطع الغيار بالحجار بعنابة، بل وتمتد في بعض الأحيان إلى ولايات أخرى
مركزا “غار الدماء” و”الحدادة ” سبيل النجاة من الطوابير والانتظار لساعات رغم صعوبة المسالك
بحثا عن حول لتفادي الانتظار لساعات وسط طوابير الذهاب والإياب وجد بعض ناقلي السيارات من الولايات الشرقية الجزائرية إلى تونس، حلول أخرى لربح الوقت، ومن بينها العبور عبر المركزين الحدوديين البريين بولاية سوق أهراس ” غار الدماء” و”الحدادة” اللذان تنقص فيهما الحركية، وذلك رغم صعوبة موقعهما الجغرافي والطرقات المؤدية إليهما نتيجة المنعطفات الكثيرة وإهتراء الطرقات ونقص الإنارة العمومية في الفترة الليلة التي تعتبر فترة التدفق الكبير أو الوقت الذي يختاره اغلب الجزائريين اما للذهاب أو للعودة، ما يستوجب فعليا معرفة مسبقة بالطرقات إضافة إلى الخبرة في السياقة في مثيلاتها ونوعية السيارة أيضا، لتفادي الأخطار المحتملة من حوادث المرور، وهي العناصر التي تتوفر أغلبها في الناقلين بالسيارات السياحية الممتهنين للنقل بسياراتهم السياحية لعدة عقود من الزمن بين المدن الشرقية وفي مقدمتها عنابة والجارة تونس، حيث يمكن هذا الخيار الصعب هؤلاء الناقلين من ربح العديد من الساعات في الذهاب و الإياب رغم زيادة المسافة براقة 6 كلم عن الطرق أو المعابر الأخرى على غرار معبري أم الطبول أو لعيون، هذا الأخير ورغم كونه معبرا تجاريا بالدرجة الأولى إلا أنه أصبح في السنوات الأخيرة يشهد طوابير بالساعات أيضا نتيجة توافد الكثيرين عبره في محاولة لتفادي الطوابير.
وبهذا تكون الحركية عبر المعابر الحدودية بين البلدين الجارين الشقيقين رغم اختلاف الأسباب والدوافع لكل للوافدين إليهما، تعرف ارتفاعا متبادلا وان كان غير متساو، بلغ ذروته في الأسابيع الأخيرة خلال شهر أوت ويرتقب أن يتواصل خلال الأسبوعين القادمين، لتبدأ الحركية والطوابير عبر المعابر الحدودية من الجهتين في التناقص تدريجا مع بداية العام الدراسي وتتحول إلى إقبال متواضع في عطلات نهاية الأسبوع، فيما يرى مختصون انه ربما حان الوقت للبحث عن رفع عدد المراكز الحدودية البرية بين البلدين لتفادي مثل هذه الطوابير على كامل السنة.
لطفي.ع