تواصل الصراع بين المعارضة والموالاة بالمجلس الشعبي البلدي لبلدية عنابة، حيث بات مصير الانسداد ظاهرا للعيان، بعد عقد دورتين متتاليتين دون الوصول إلى توافق في الرؤى ووجهات النظر بين الكتلتين.
وقد عرفت أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي أحداثا مشابهة للدورة العادية التي سبقتها قبل أيام قليلة فقط، حيث لم تتضّح إلى حدّ الساعة أي رؤى وملامح عن إمكانية تقارب وجهات النظر بين كتلة المعارضة وكتلة الموالاة لرئيس المجلس الشعبي البلدي “المير” يوسف شوشان، حيث وخلال الدورة المنعقدة، أمس، بقاعة التشريفات بمقر بلدية عنابة، تم الرفض بالأغلبية لإجمالي 75 مشروعا موزّعة عبر مختلف القطاعات المحلية التابعة لبلدية عنابة، حيث وخلال عرض المشاريع المقترحة خلال أشغال الدورة العادية الثانية لبلدية عنابة، تم تسجيل الرفض بالأغلبية لهذه المشاريع، بإجمالي 24 منتخبا صوتوا بالرفض “لا”، مقابل 17 منتخبا صوّتوا بالقبول “نعم”، أمر يضع مصير عاصمة ولاية عنابة، على المحك ويفتح الباب أمام كل التكهّنات، حيث بات التوجّه لعقد دورة ثالثة استثنائية، بمثابة الفرصة الأخيرة والمحطة الحاسمة أمام المجلس البلدي بمختلف تشكيلاته، لضبط بوصلته في ظلّ الصراع القائم لحد كتابة هذه الأسطر بين كتلتي الموالاة والمعارضة، إذ يرى مهتمون بالشأن المحلي لولاية عنابة، أنّ الذهاب نحو دورة استثنائية ثالثة في ظرف أقل من شهرين، وعدم الخروج بتوافق بين الطرفين، يضع مصير بلدية عنابة بين يدي المسؤول الأول على الجهاز التنفيذي لولاية عنابة الوالي جلاوي، الذي تخوّل له السلطات العليا في البلاد تطبيق القانون في هذه الحالات.
75 عملية مقترحة تنتظر المصادقة.. ولكن متى؟
وقد عرفت أشغال الدورة العادية المتجدّدة للمجلس الشعبي البلدي لبلدية عنابة، التصويت بالأغلبية بـ”لا، وهي الدالة على رفض 75 مشروعا قدّمها “المير” شوشان خلال أشغال الدورة العادية للمجلس البلدي، حيث تمحورت تلك المشاريع حول قطاعات التنمية المحلية والبيئة والمحيط، إلى جانب المدارس الابتدائية، بالإضافة إلى ملفات اجتماعية وأخرى تخصّ الجانب العمالي، حيث وبالحديث عن هذه المشاريع المقترحة بالميزانية الأولية لسنة 2024 لبلدية عنابة، فقد شملت صيانة شبكة الإنارة العمومية، مصاريف الدراسات والمتابعة، وإعادة تهيئة ملعب “ترمال” بمنطقة “إيليزا”، وتهيئة الفرع الإداري بني محافر وبوزرّاد حسين وواد فرشة، إلى جانب أشغال ربط بالكهرباء والماء والغاز، لمختلف ممتلكات وهياكل البلدية، وتوسعة مقبرة زغوان الشطر الأول، أشغال التطهير بمنطقة سيدي حرب، وتهيئة حديقة ديدوش مراد، إلى جانب عمليات أخرى، على غرار تهيئة ساحة بلعيد بلقاسم بحي الفخارين، وإنجاز الإنارة العمومية بالطاقة الشمسية بمقبرة سيدي حرب، وتهيئة ساحة بن باديس مقابل الصندوق الوطني للتوفير، وعمليات أخرى أيضا. وفيما يخصّ المشاريع الجديدة بعد تطهير مدوّنة الميزانية البلدية، فقد تضمنت تهيئة وترميم دار القاضي لقاعة المعارض، وتجديد الإنارة العمومية بالطاقة الشمسية بشارع محمد حمزة، تهيئة ممر جورج إسحاق بفضاء بيع الكتب، تجهيز المراكز الثقافية، إلى جانب تهيئة سوق المدينة لتحويلها إلى قاعة للرياضات القتالية، تهيئة شارع بيشة يوسف، تهيئة حديقة بجانب الخطوط الجوية الجزائرية، تجهيز المطاعم المدرسية، واقتناء تجهيز المدارس، وتجديد الإنارة العمومية بالمدينة القديمة “بلاص دارم”، تهيئة سوق الميناديا، واقتناء بالوعات حديدية. وفي يخصّ الإعانات فقد تضمنت إنجاز وتجهيز مطعم 150 وجبة مدرسية بضياف حسان، وإنجاز وتجهيز 100 مطعم وجبة بمدرسة عبّان رمضان، واقتناء ممهلات بلاستيكية، دراسة ومتابعة تهيئة شارع إفريقيا، تهيئة حي فالماسكورت، دراسة ومتابعة تهيئة شارع إفريقيا، إنجاز سياج مقبرة زغوان، اقتناء حاويات حديدية، تجديد شبكة التطهير حي سيبوس شارع حسيني بوجمعة، وعمليات أخرى موزّعة كذلك.
المعارضة تتمسّك برحيل “المير” شوشان
عقب اختتام أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي البلدي لبلدية عنابة، والتصويت بـ”لا” على مجمل المشاريع المقترحة من الهيئة التنفيذية، تقرّبت “أخبار الشرق” من عدد من المنتخبين المنتمين لكتلة المعارضة بغية الاستفسار أكثر حول موقفهم الأساسي المطالب باستقالة ورحيل رئيس المجلس الشعبي البلدي الحالي شوشان يوسف”، حيث أعرب المنتخبون المعارضون أنّ رئيس البلدية في نظرهم فاجئ الجميع بطلب المصادقة على جدول الأعمال، والتوجّه نحو فتح مجال الحوار، معتبرين أنّ الاقتراح قد جاء متأخرا جدّا ومتسائلين في السياق ذاته، عن سبب عدم تقديم هذا المقترح قبل انعقاد هذه الدورة، كما أعرب المنتخبون المعارضون أنّ مدّة سنتين كانت كافية لإبراز فشل المسؤول في تسيير البلدية، وفي ردّهم على المقترحات التي قدّمها “المير” شوشان، أجمعوا على رفضهم التعامل مع رئيس البلدية، مؤكّدين تمسّكهم بمطلب رحيله واستقالته من منصبه، مضيفين أنّ المعارضة قد صممّت على طلب رحيل “المير”. وبخصوص إمكانية تدخّل والي عنابة، وتطبيق القانون الرامي إلى ممارسة الوالي سلطة الحلول يبقى خيارا إيجابيا من وجهة نظرهم، مؤكّدين حسن نيتهم وعدم طمعهم في الحصول على مناصب بالهيئة التنفيذية. كما وجّهت المعارضة عبر عدد من المنتخبين ممن تحدّثت معهم “أخبار الشرق”، حول مصير المشاريع المقدّمة من “المير” شوشان، معتبرة أنّ هذه المشاريع لن تضيع ولن تذهب سدى، حيث أنّ هذه العمليات ـ على حسبهم ـ، ظلّت مكدّسة ولم يتم الإعلان عنها. إلى هنا يرى المهتمون بالشأن المحلي لولاية عنابة، أنّ مصير بلدية عنابة، بات على المحك، حيث يجمع المختصّون على أنّه في حالة تجدد رفض العمليات المقترحة من الهيئة التنفيذية الحالية، وعدم إيجاد سبل للرؤى والتوافق بين كتلتي المعارضة والموالاة، سيجعل المجلس البلدي لبلدية عنابة يدخل طريق الانسداد، ويفسح المجال للمسؤول الأولى على الجهاز التنفيذي لولاية عنابة، الوالي عبد القادر جلاوي، إلى تطبيق القانون الخاصّ بتسيير البلدية، حيث يخوّل له الدستور والقانون الجزائري، التدخل تحت مبدأ ممارسة الوالي لسلطة الحلول.
شوشان: “أدعوا المعارضين لمراجعة أنفسهم ومواقفهم“
وعقب انتهاء أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي البلدي لبلدية عنابة، تحدّث “المير” يوسف شوشان لـ”أخبار الشرق”، حيث أوضح “أنّ هذه الدورة تخصّ المصادقة على الميزانية الإضافية ومختلف المشاريع التي قدمتها الهيئة التنفيذية، بإجمالي 75 مشروعا، إلى جانب مشروعين آخرين، الأول مشروع طريق شارع إفريقيا، والثاني تمثل في مشروع شارع الصفصاف الرئيسي بعد دراسة كليهما”. كما أوضح “المير” شوشان، “أنّ القيمة الاجمالية لهذه المشاريع المقترحة، قد بلغت أزيد من 104 مليار سنتيم، حيث عمدت الهيئة التنفيذية حسب تصريح المتحدّث، إلى تخصيص مشاريع في البيئة تتعلّق خاصّة بشراء الشاحنات والحاويات، إلى جانب تهيئة الحدائق الموجودة على مستوى البلدية، إضافة إلى عملية تخصّ الحضيرة، وأيضا فقد ضمت الدورة عملية الأضواء الثلاثية الذكية بشوارع جديدة، وكذا القيام بتهيئة عدّة أحياء على مستوى القطاعات الخمسة بالتوازي والتنسيق مع رؤساء الأحياء، معرّجا إلى عمليات التطهير على مستوى عدد من الأحياء”. وعن رفض المعارضة التصويت بقبول هذه المشاريع خلال أشغال الدورة العادية المنعقدة أمس، قال ذات المتحدّث لـ”أخبار الشرق”، “تم رفض هذه المشاريع التي أراها في مصلحة المواطن، وقد قدمنا اقتراح في بداية الجلسة الخاصّة، وهو إسقاط قضية التعديل الجزئي في الهيئة التنفيذية، وعزمنا التوجّه نحو انتهاج أسلوب الحوار مع المعارضين، خلال مدة 15 يوما، ثم نقرّر تكوين هيئة تنفيذية جديدة، كما أؤكّد أنّ الميزانية الإضافية تشتمل أيضا على أجور عمال بلدية عنابة لمدة 5 أشهر بغلاف مالي إجمالي قدّر بـ90 مليار سنتيم، وأيضا تشتمل أجور المتعاقدين بإجمالي 60 مليار سنتيم، وأيضا الغلاف المالي المخصّص لقفة رمضان 2024، ومشروع مقبرة الشهداء، وأيضا إنجاز مطعمين مدرسين، وتوسعة مقبرة زغوان”. وفي هذا السياق، وجّه المسؤول الأول على بلدية عنابة ورئيس المجلس الشعبي البلدي، رسالة ودعوة مباشرة نحو كتلة المعارضة قائلا: “أدعوا المعارضين إلى مراجعة أنفسهم ومواقفهم، وأؤكد “أنّ الأبواب مفتوحة أمامهم للحوار والمناقشة، ولو تم تجسيد سبل الحوار والمناقشة خلال مدّة 15 يوما المقبلة، سنعيد إجراء دورة استثنائية، وكذا إجراء تعديل في الهيئة التنفيذية تجمع كافة المعنيين والمنتمين للأحزاب الثلاثة”.
أمير قورماط