مع حلول شهر رمضان المبارك، تتحول الملاعب الجوارية في عنابة إلى مسارح رياضية تعج بالحماس والمنافسة، حيث أصبحت الدورات الرمضانية تقليدًا راسخًا يعكس روح الأخوة والتآزر بين الشباب.
هذه البطولات التي تنطلق بعد صلاة التراويح، لا تقتصر على مجرد مباريات ودية، بل تحولت إلى منافسات شديدة توازي في مستواها البطولات المحلية، خاصة مع التنظيم الجيد، الحضور الجماهيري الكبير، وحتى اللجوء إلى تقنيات حديثة مثل تقنية الفيديو “VAR” التي أضفت لمسة احترافية على بعض الدورات. من بين أبرز الدورات التي تستقطب اهتمام الجماهير، نجد الدورة الرمضانية التي يحتضنها الملعب الجواري حي الشهداء بالصفصاف، حيث تشهد مشاركة واسعة من فرق الأحياء وسط أجواء تنافسية حماسية. كذلك الحال بالنسبة لدورة الملعب الجواري بوادي زياد، التي أثبتت مع مرور السنوات قدرتها على جذب المواهب الشابة وإعطاء الفرصة للاعبين لإبراز قدراتهم في أجواء متميزة. لكن رغم نجاح هذه الدورات، فإن الدورة الرمضانية بالملعب الجواري “القلعة الصغيرة” بحي 8 مارس من تنظيم المدعو زطشي تبقى الأبرز على الإطلاق، حيث استطاعت أن تفرض نفسها كواجهة رمضانية كروية بامتياز، بفضل التنظيم المحكم والمستوى العالي للمباريات التي تستقطب اهتمام الجماهير وحتى اللاعبين المحترفين.
ما يميز هذه الدورة هو إدراج تقنية الفيديو “VAR”، وهي سابقة فريدة في مثل هذه البطولات، ما يعكس الجدية والاحترافية في إدارة المباريات والسعي لتوفير أجواء تنافسية عادلة بين الفرق. هذا الأمر جعلها أقرب إلى البطولات المحلية منها إلى مجرد دورة رمضانية تقليدية، حيث أصبح اللاعبون يتعاملون مع المباريات بجدية كبيرة، مدركين أن القرارات التحكيمية ستكون أكثر دقة، ما يساهم في رفع مستوى التنافس الرياضي. إضافة إلى ذلك، تحظى هذه الدورة بمتابعة واسعة من قبل عشاق كرة القدم داخل وخارج مدينة عنابة، حيث يتوافد المشجعون بكثافة لمتابعة المواجهات الساخنة والاستمتاع بالعروض الكروية التي تقدمها الفرق المشاركة. ولم يقتصر الأمر على الجماهير فقط، بل شهدت الدورة حضور نجوم لامعين في كرة القدم الجزائرية، سواء من اللاعبين الحاليين أو السابقين، ما أضفى عليها طابعًا مميزًا وجعلها تستحوذ على اهتمام إعلامي متزايد. وتعد هذه الدورات فرصة ذهبية لاكتشاف المواهب الصاعدة، حيث يبرز العديد من اللاعبين الشباب الذين قد يجدون طريقهم نحو الاحتراف بفضل العروض التي يقدمونها. كما أنها تعكس روح التضامن والتلاحم بين أبناء الأحياء، حيث يجتمع الجميع حول كرة القدم في أجواء مليئة بالحماس والفرحة الرمضانية. ورغم الطابع التنافسي لهذه الدورات، فإنها تبقى مناسبة لتجديد أواصر الأخوة والصداقة بين اللاعبين والجماهير، في مشهد يجسد حب كرة القدم والشغف الذي تحمله هذه المدينة للرياضة الأكثر شعبية في العالم. وبهذا الزخم الكبير، لم تعد الدورات الرمضانية مجرد نشاط ترفيهي، بل تحولت إلى جزء من هوية كرة القدم المحلية في عنابة، حيث يترقبها الجميع مع حلول الشهر الفضيل، في انتظار متابعة مباريات مليئة بالإثارة والتشويق، والتي تثبت أن كرة القدم ليست مجرد رياضة، بل ثقافة متجذرة تعكس روح المدينة وعشق سكانها للمستديرة.
صالح.ب