تحدث كاتب السيناريو بلغيث عبد الهادي، عن تتويجه بالمرتبة الثالثة في مسابقة أوسكار المبدعين العرب الأدبية بجمهورية مصر العربية لسنة 2025، عن سيناريو فيلمه القصير “أمل من تحت الرماد” في فئة السيناريو والحوار القصير، كنجاح جديد يشرف الجزائر. وخلال حديثه مع “أخبار الشرق”، أبرز بلغيث عبد الهادي، وهو من مواليد 8 سبتمبر 1998 بمدينة حاسي الرمل بولاية الأغواط، ويرجع أصله لولاية تبسة، كاتب سيناريو وطالب في تخصص علم الاجتماع بجامعة عمار ثليجي لولاية الأغواط، بالإضافة لكونه مؤطرا لورشات تعليمية في مجال كتابة السيناريو للأفلام القصيرة، حيث يجد في هذا الفن شغفًا عميقًا ويراه بمثابة نافذة أطل منها على عوالم إبداعية لا حدود لها، وأداة قوية لتناول قضايا المجتمع والتعبير عن آماله وتطلعاته، مشاركا هذه المعرفة بحب مع الشباب الطموح.
حدثنا أكثر عن تتويجك في مصر بالمرتبة الثالثة في مسابقة أوسكار المبدعين العرب.. وكيف تصف هذا الإنجاز؟
إنّ تتويجي بالمرتبة الثالثة في مسابقة أوسكار المبدعين العرب الأدبية بجمهورية مصر العربية لسنة 2025، عن سيناريو فيلمي القصير “أمل من تحت الرماد” في فئة السيناريو والحوار القصير، يمثل إنجازًا شخصيًا بالغ الأهمية، هذا العمل، الذي ينتمي إلى نوع الدراما الاجتماعية، يروي قصة كاتب سيناريو واجه رفضًا متكررًا من المنتجين حتى وصل به اليأس إلى حرق جميع سيناريوهاته، لكن شغفه بالإبداع لم يخمد، فنهض من تحت الرماد، مصممًا على تحقيق حلمه، ومواصلًا العمل بجد وإصرار، متغلبًا على كل الصعاب، حتى حقق النجاح في النهاية، مُثبتًا أن الأمل والإصرار هما مفتاح الانتصار، وأضيف أن هذا التتويج بمثابة حافز له لمواصلة الكتابة والإبداع في مجال السيناريو والسينما، وتقديم أعمال فنية إبداعية، وأجدد وفائي لفن كتابة السيناريو رغم التحديات، والاستمرار في السعي نحو تقديم أعمال فنية تساهم في إثراء المشهد الثقافي والسينمائي.
عرفنا أكثر بأعمالك الفنية السابقة والتي سترى النور قريبا؟
وبالحديث عن أعمالي الفنية السابقة، ففي مسيرتي الكتابية، بدأت بفن السيناريو، وكتبت عدة سيناريوهات لأفلام قصيرة، بعضها حظي بالتتويج في مسابقات فنية وأدبية، بينما لا يزال البعض الآخر في مرحلة التطوير وإعادة الكتابة، سعيًا مني للوصول إلى أفضل صورة ممكنة، ثم اتجهت نحو فن القصة القصيرة ونشر قصص قصيرة في جريدة أوروك الأدبي الصادرة عن وزارة الثقافة العراقية، حيث اكتشفت عوالم سردية مكثفة وموجزة. وفي ظل التحديات التي يفرضها قطاع الإنتاج الفني والسينمائي، خاصة فيما يتعلق بهيمنة بعض المنتجين والممولين، كلي أمل أن تتاح الفرصة لأعمالي، بما تحمله من أفكار ورؤى فنية بأن ترى النور وتصل إلى الجمهور.
في رمضان شاهدنا الكثير، من العروض والمسلسلات التي بثتها القنوات الجزائرية، حسب رأيك من كان الأفضل فيها من ناحية السيناريو؟
“وعن المسلسلات التي تم عرضها خلال الشهر الفضيل بالقنوات الجزائرية، وفيما يتعلق بالسيناريو، يمكن القول أن هناك تفاوتًا ملحوظًا في مستوى الجودة، بعض الأعمال تميزت بحبكة درامية متماسكة وشخصيات عميقة وحوارات واقعية، مما أضفى عليها جاذبية وأثرًا في المشاهد، في المقابل، افتقرت بعض الأعمال الأخرى إلى الأصالة في الطرح وعانت من ضعف في بناء الأحداث والشخصيات، بالإضافة إلى حوارات سطحية لم تخدم السياق الدرامي بشكل فعال، بشكل عام، لا يزال هناك مجال كبير لتطوير مستوى كتابة السيناريو في الإنتاجات الجزائرية، لترتقي إلى تطلعات الجمهور وتقديم أعمال فنية أكثر تأثيرًا وعمقًا” .
برأيك ماهي أفضل الأعمال التي نالت إعجابكم خلال شهر رمضان؟
“وبخصوص أفضل الأعمال التي نالت إعجابي خلال شهر رمضان، لفت انتباهي مسلسل “البطل” السوري، الذي تميز بجرأته في طرح قضايا الواقع العربي والواقع السوري خاصة، ومعالجته لقضايا إنسانية واجتماعية تلامس جوهر الحياة، المسلسل من تأليف رامي كوسا، وفكرته مستوحاة من مسرحية “زيارة الملكة” لممدوح عدوان، ومن إخراج الليث حجو، وبطولة الفنان المتألق بسام كوسا، وقد نجح المسلسل في تقديم قصة مؤثرة وشخصيات مقنعة، مما جعله من الأعمال التي تستحق المشاهدة، بل وتستدعي التفكير العميق، إذ يتناول هذا العمل الفني قضايا معقدة بأسلوب رمزي يترك للمشاهد حرية التأويل، فكل كلمة في المشهد تحمل دلالات ضمنية، وكل شخصية تمثل وجهًا من أوجه الواقع السوري، المسلسل يبعث بآلاف الرسائل حول الحب والحرب والهجران والأحلام المؤجلة، ويرسم صورة واقعية لحياة الناس في قرية سورية تعاني من ويلات الحرب، تتجلى بساطة مطالبهم في توقف النيران وتوفر الخدمات الأساسية، ولكن الأحداث تكشف عن أحلام أخرى لكل شخصية، في صراع دائم من أجل البقاء والأمل”.
بخصوص كتاب السيناريو هل من مقترح حول تجمعهم في تنظيم أو لواء متحد؟
“اعتبر أن تنظيم كتاب السيناريو في تجمع واحد يمثل خطوة بالغة الأهمية لتطوير هذا المجال الفني الحيوي في الجزائر، بحيث يمكن ذلك في شكل جمعية مهنية أو نقابة تهدف للدفاع عن حقوق الكتّاب، وتحسين ظروف عملهم، ورفع مستوى جودة النصوص المنتجة، ومن خلال هذا التنظيم، يمكن لكتاب السيناريو أن يكون لهم صوت موحد ومؤثر في الحوار مع الجهات المعنية بالإنتاج الدرامي والسينمائي، والمطالبة بتوفير الدعم والتقدير اللازمين لأعمالهم، كما يمكن لهذا التجمع أو التنظيم أن يساهم في تبادل الخبرات والمعارف بين الكتّاب، وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية لتطوير مهاراتهم، مما ينعكس إيجابًا على جودة السيناريوهات وبالتالي على مستوى الأعمال الفنية الجزائرية بشكل عام”
في هذا الشأن وحسب رأيك ماذا يحتاج كتاب السيناريو خلال هذه الفترة؟
“يحتاج كتاب السيناريو الجزائريين إلى دعم متعدد الأوجه لتمكينهم من تطوير مهاراتهم والمساهمة بفعالية في المشهد الفني، فهم بحاجة ماسة إلى فرص للتكوين المستمر وورشات عمل متخصصة لتعزيز قدراتهم في الكتابة الدرامية، وبناء الشخصيات، وصياغة الحوارات، وفهم تقنيات السرد السينمائي الحديثة، بالإضافة إلى ذلك، يتطلب الوضع الحالي توفير منصات احترافية لعرض وتقييم نصوصهم، وربطهم بمنتجين وصناع قرار لدفع عجلة الإنتاج، كما أن الدعم المادي والمعنوي، وتقدير حقوق الملكية الفكرية، وتوفير بيئة عمل محفزة للإبداع، كلها عوامل ضرورية لازدهار فن كتابة السيناريو في الجزائر”.
نصيحتك لكتاب السيناريو.. وللشباب الصاعد منهم خاصة؟
“نصيحتي لكتاب السيناريو، وخاصة الشباب الصاعد، هي أن يغذوا شغفهم بالقراءة والاطلاع المستمر على مختلف أنواع السرد والأعمال الدرامية العالمية، مع التركيز على فهم عميق لواقع مجتمعهم وقضاياه. وأن لا يترددوا في خوض تجارب الكتابة المتنوعة، والبحث عن فرص للتكوين والورشات المتخصصة لصقل أدواتهم، وأن يستقبلوا النقد البناء بصدر رحب ويجعلوه محفزًا للتطور، والأهم من ذلك، وأن يؤمنوا بقصصهم وقدرتهم على تقديم رؤى فنية مميزة تعكس هويتهم وتسهم في إثراء المشهد الثقافي” .
حاوره: أمير قورماط