في مواجهة آثار الاحتباس الحراري، تواجه الجزائر ضغطًا متزايدًا على مواردها المائية، تفاقمه ظاهرة تَرسُّب الأوحال في السدود، ما يؤدي إلى انخفاض كبير في قدرتها التخزينية. في هذا السياق، تبرز حلٌّ مبتكر نابع من البحث العلمي الجزائري: تثمين أوحال السدود وتحويلها إلى مواد بناء مستدامة وبمناسبة الطبعة العشرين من الصالون الدولي للمياه والتجهيزات البيئية SIEE-Pollutec ، الذي سيُقام من 18 إلى 20 ماي الجاري بقصر المعارض صافكس، تسلط شركة هولسيم الجزائر الضوء على هذا الإنجاز الرائد. هذا الصالون، الذي يجمع أكثر من 140 عارضًا وفاعلًا رئيسيًا في قطاعي المياه والبيئة، سيكون منصة لعرض نتائج مشروع مبتكر هو ثمرة أبحاث جامعة عين تموشنت إن أوحال السدود، الغنية بالطين، تمثل مورداً غير مستغل يتمتع بإمكانيات عالية. وبفضل مقاربة علمية دقيقة، يمكن تحويل هذه الأوحال إلى طوب جيوبوليمري، وخرسانة منخفضة الكربون، وأسمنت مستدام من خلال تقنية المعالجة المشتركة (co-processing). يأتي هذا المشروع في إطار البرنامج الوطني للبحث العلمي (PNR) لسنة 2022، ضمن مشروع “تعزيز استخدام المواد الحيوية ذات الإمكانيات الحرارية العالية لتحقيق النجاعة الطاقوية في قطاع البناء”.
وتملك هذه الفكرة تأثير ثلاثي الأبعاد بيئي، اقتصادي واستراتيجي على غرار استعادة قدرة السدود من خلال استخراج الأوحال، تُسترجع الفعالية المائية الكاملة للسدود، الحفاظ على الموارد الطبيعية: استخدام الرواسب يقلل من استخراج المواد الخام البكر، تحفيز الابتكار في قطاع البناء تصبح الرواسب قاعدة لصناعة أنظف وأكثر صمودًا، وقد تم التحقق من نجاعة هذا الحل في المختبر، وهو يُطبّق بالفعل في الخارج. ويجب أن تستفيد الجزائر منه في المقام الأول، لما فيه خير أجيالها القادمة. هذه المبادرة تُجسد التوجهات التي دعا إليها رئيس الجمهورية فيما يخص تحقيق الاكتفاء المائي، والسيادة الصناعية الوطنية، والانتقال البيئي ولقد أصبح من الضروري اليوم أن تنخرط أعلى سلطات الدولة خلف رئيس الجمهورية لدعم هذه المبادرة، من خلال تعبئة الآليات المؤسسية والتنظيمية والصناعية اللازمة لتنفيذها على نطاق واسع. إنها فرصة فريدة لتحويل تحدٍ بيئي إلى فرصة حقيقية من أجل التنمية المستدامة لبلادنا، ولتصدير حل “صُنع في الجزائر” إلى العالم.
ر.م