غابت المحطات التلفزيونية الجهوية لموسم رمضان 2025، وهي التي كانت فيما مضى صانعة البرامج التلفزيونية بامتياز، مقدّمة للجمهور الجزائري بعض الروائع التي بقيت في الذاكرة، وبالتالي لم ير المشاهد خلال هذا الرمضان أيّ جديد فلا دراما ولا سهرات وبرامج كما في السابق. ولم تقدّم هذه المحطات برامجها لهذا الموسم حيث خيّم الغياب وهي التي كانت في سباقة في الإنتاج سواء المسلسلات أو البرامج الترفيهية والسهرات الفنية والثقافية والدينة .فمثلا محطتا قسنطينة ووهران كانتا السباقتين في هذا الإنتاج لعقود طويلة ولم يكن من الممكن غياب إنتاجهما في مناسبة رمضان حيث كانتا إضافة للمحطة المركزية زوادا في هذا المجال يوفرون للعائلة الجزائرية ركنا للمتعة والتسلية وحتى الفكاهة . وكان من المنتظر أن تعود أيام قسنطينة هذا رمضان من خلال بثّ حلقات من “أعصاب وأوتار” لمحمد حازورلي في 5 حلقات كان قد صورها منذ سنوات، ولم يكتب لها البث، لكنّها لم تعرض ولم يراها الجمهور، علما أنّ هذا الأخير كان متعطشا للعودة إلى تلك الأيام التي ازدهرت فيها الأعمال التلفزيونية مع كبار النجوم وبأقوى الأعمال، كذلك الحال بالنسبة للسهرات التلفزيونية الفنية التي تجمع المطربين والممثلين الجزائريين في عاصمة الشرق الجزائري في أجواء جميلة. كما أنتجت محطة قسنطينة للتليفزيون منذ سنوات سلسلة سكاتشات فكاهية مقتبسة من حكايات تراثية محلية زينت شاشة رمضان سجل فيها الممثل حكيم دكار حضوره المميز، كما قدمت هذه المحطة برنامجا ثقافيا وفنيا عنوانه “رمضان زمان” يرصد عادات وتقاليد الشهر الفضيل في الزمن الجميل.. كذلك الحال مع المحطة الجهوية بوهران التي كانت مصنع إنتاج لا يكفّ عن تقديم الأعمال للجمهور الجزائري خاصة في رمضان ومنها خرجت سلسلة “بلا حدود” و”ثلاثي الأمجاد” و”الكاميرا المخفية” مع الشهير حمو، وكانت كلّ تلك الأعمال ناجحة ولا تزال تطلب وتبث إلى اليوم، لكن الجديد غاب تماما عن الشاشة، ولم يعد الجمهور يسمع بلابل الباهية تطل عليه ولا ممثليها ولا منشطيها. وغابت أيضا بعض مبادرات الخواص منها القنوات الخاصة كقناة “الباهية” التي قدمت الموسم الرمضاني الفارط “الميغرية” مع الفنانة بختة وكوكبة من النجوم معها وتابعها الجمهور، لكن هذه السنة لا جديد بل عوّض هذا الفراغ بث مسلسل سوري، وكذا “سلسلة فكاهية” لم ترق لما سبق من الأعمال وهي “رمضان وبارودي” مع حميدو لحلو وحماشة سفيان وبن كعكع عسري تدور جل أحداثها في الريف وعن بعض اليوميات الرمضانية. وبدورها، غابت محطة بشار التي اشتهرت بالتمثيليات التاريخية والدينية التي كانت تبث على التلفزيون الجزائري في مواسم وسهرات رمضان، ناهيك عن سهرات التراث المحلي من أغاني شعبية وأهازيج وأشعار وغيرها ومن تلك البرامج ما قدمها الإعلامي المعروف مصطفى بن دهينة لكنها اليوم غائبة تماما عن المشهد الرمضاني عندنا، فلا حضور إلا للمسلسلات المنتجة بالعاصمة وذات الميزانيات المعتبرة والتي غطت على نكهة رمضانية جزائرية ارتبطت بالواقع الجزائري وبثقافته وإبداع أبنائه، فأين هي بختة وأين هو علاوة زرماني وعنتر هلال، وأين هي الباهية وقسنطينة وبشار وما جاورها من مدن، على أمل أن ترجع هذه المحطات وما تمثله إلى زمنها الجزائري الجميل الذي صنع أمجادها وسجل روائعها في ذاكرة الجزائريين .
ق.ث