أكرم بوعشة
كاتبة هادئة، تحمل شغفا متقدا بالأدب والفكر، وتسير في رحلتها الإبداعية بخطى واثقة، غير مكترثة بالأضواء، بل مشغولة بإيصال رسالة صادقة لقارئها. تطغى في كتاباتها العاطفة، ويتجلى الحب بمختلف صوره، فتمنح نصوصها طابعا وجدانيا يعكس عمق التجربة الإنسانية.
تنحدر نور الهدى حمايدية من سوق أهراس التي لطالما كانت مهدا للأدب والفكر. أنجبت هذه الأرض أسماء بارزة، وتركت بصمتها في المشهد الثقافي الجزائري والعالمي. إرث ثقافي كهذا ينعكس في كتابات أبنائها وبناتهم، وعلى رأسهم نور الهدى، حيث تلتقي روح المكان مع رؤيتها الأدبية، لتنسج نصوصا تمزج بين التجربة الفردية والعمق الإنساني.
الكتابة بالنسبة لنور الهدى امتداد لروحها، وطريقة للتعبير عن أفكارها ومشاعرها. منذ صغرها، كانت تصغي للأدب وتتحسس حضوره في يومياتها، لكنها وجدت نفسها أكثر انجذابا للمشاعر الإنسانية، تراقب الحب في تفاصيل الحياة اليومية وتمنحه الحيز الأكبر في نصوصها. في رصيدها ثلاثة كتب: “وهل للحبر دموع”، “أتلفت قلب رمانة”، و”عطر مشاعر”، تبرز فيها العاطفة كعنصر جوهري ينساب بسلاسة في ثنايا السرد.
الإلهام، حسب نور الهدى، قد يأتي من أي شيء، من مشهد عابر، أو قصة سمعتها، أو حتى لحظة تأمل في صمت. في كتاباتها، تتناول الحب في جميع صوره، الحب الصادق، الموجع، الخيانة، الفقد والحنين. في منظورها، العاطفة هي المحرك الأساسي للأدب، ولذلك تسعى دائما لأن تجعل القارئ يشعر بكل حرف وكأنه جزء من تجربته الخاصة.
اختارت نور الهدى أن تبقى خارج دوامة الأضواء التي قد تأخذ الكاتب بعيدا عن جوهره. بالنسبة لها، الأدب لا يُقاس بمدى انتشاره الإعلامي، بل بقربه من القارئ وتأثيره عليه. تقول بثقة: “أفضل أن تصل كلماتي إلى القارئ بصدق، دون أن أكون جزءا من الضوضاء التي تشتت الكاتب عن جوهر رسالته”.
نظرتها إلى مستقبل الأدب مزيج من التفاؤل والتساؤل. الأدب العربي يشهد تحولات كبيرة، بعضها إيجابي، والآخر يجعلها تتساءل عن مدى حفاظه على أصالته. لكنها تؤمن أن الأدب الحقيقي يظل قائما، طالما هناك من يكتب بشغف وصدق. وتنصح الكتّاب الجدد بأن يمنحوا نصوصهم وقتا كافيا للنضج، وأن يقرؤوا منهم، لأن الكاتب الجيد كان ولا يزال قارئا جيدا قبل كل شيء. كما تشجعهم على أن يجعلوا العاطفة جزءا لا يتجزأ من أعمالهم، فالأدب بلا مشاعر يفقد روحه.
حاليًا، تعمل الكاتبة نور الهدى حمايدية على إصدار جديد تسلط فيه الضوء على الرحمة كصفة أساسية في شخصية النبي محمد ﷺ والخلفاء الراشدين، بأسلوب يجمع بين البحث والتحليل الأدبي، دون أن تغفل الجانب العاطفي والإنساني لهذه الشخصيات. رحلة تحمل بين طياتها رسالة إنسانية سامية، تمس القارئ في عمق وجدانه، وتعكس روح تخصصها في علوم الشريعة.
الكتابة بالنسبة لنور الهدى تجربة تنبض بالحياة، تمتزج فيها المشاعر بالأفكار، وتنسج بها عالما يعبّر عن رؤيتها العميقة. قد لا تسعى إلى الأضواء، لكنها تؤمن أن الكلمات الصادقة دائما ما تجد طريقها إلى القلوب. بهذه الفلسفة، تواصل رحلتها الأدبية، تحمل معها شغفها، رؤيتها، وصدق إحساسها، علّها تترك أثرا لا يُمحى في قلب قارئ يبحث عن نص يلامسه بعمق، ويمتلئ بفيض المشاعر التي تجعل الأدب أكثر حياة وحقيقة.