السبت 2 أغسطس 2025
أخبار الشرق

الكاتبة سلمى معيوف تكشف لـ “أخبار الشرق”: “إصداري الجديد هو قراءة انطولوجية للوعي المأزوم في زمن الحداثة”

تحدثنا مع الكاتبة سلمى معيوف عن إصدارها الجديد حيث فتحت قلبها مرة آخرى إلى “أخبار الشرق” وامتعتنا بأجوبتها الموزونة والراقية والتي تعكس قيمة كتاباتها المتميزة، فسلمى معيوف كاتبةٌ وخريجة حقوق وعلوم إدارية، تسير في الدروب الخلفية للوعي، باحثةٌ عن المعنى كما يُبحث عن الضوء في زمن العتمة. يستهويها السؤال ، ويشغلها الإنسان، فتكتب كمن يُنقّب في هشاشة الوجود عن شظايا الحقيقة، وكانت لنا معها هذا الحوار:

حدثينا عن عملك الأدبي الثاني الذي لم يبقَ الكثير على إصداره؟

هو عمل يمزج بين التفسير السيكولوجي والفلسفي لأزمة المعنى، وإن كان يغلب عليه الطابع الفلسفي. في الحقيقة، هو على وشك الاكتمال؛ كأنّه النفس الأخير من رحلة فكرية شاقة، ومخاض وعي ظلّ يتشكّل بين السطور ولا يزال. هو ثمرة بحث وتأمل، انغماس في عمق الإنسان، هذا الكائن المعقّد، أو كما أسماه المفكر المصري عبد الوهاب المسيري: “العالم المحفوف بالأسرار”.

هذا العمل يجمع بين الذاتي والكوني، وبين التحولات الفكرية والروحية للذات والعالم. هو ولادة جديدة، أو بداية بوح، فالجنين لا يلامس جدار المعنى إلا بعد مخاض النشأة والتكوين. لكن اكتماله الحقيقي لا يكون إلا بالولادة، حين يرتشف النور من كأس الحياة.

الولادة قد تكون ولادة فكرة، أو انبثاق مفهوم مغاير للمفهوم الأول الذي استقيناه من نبع المعرفة الأصلي، وهو ما يجعلنا نولد من جديد بفعل التغيير. وقد عبّر عن ذلك الأديب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز حين قال في الحب في زمن الكوليرا:

“إن البشر لا يولدون دومًا يوم تلدهم أمهاتهم، وإنما تجبرهم الحياة على ولادة أنفسهم ثانية، ولمرات عديدة.”

كتابي هذا ليس مجرد محاولة كتابة، بل هو ثورة على انهزام الروح وموت الإله في قلب الإنسان. إنه سعي متعثر نحو مساءلة الوعي في زمن استُبدلت فيه القداسة بالصخب، والمعنى بالتفاهة، والإنسان بالشيء.

كم استغرقتِ من الوقت لكتابته؟

استغرق عامين من الترحال بين السطور، بين قلق الصمت وبهجة تدفّق الكلام، بين الغوص والاستفاقة، بين الذات والعالم. كانت رحلة لفهم الإنسان المتجلّي في الأنا الفردية والجماعية، ولقطف ما استطعت من ثمار ناضجة. وها هو النص يقف على عتبة النهاية، لا بوصفها خاتمة، بل كبداية جديدة، ربما أكثر نضجًا واتساعًا.

ما هو موضوعه..عرفينا به أكثر؟

الموضوع الأساسي هو الإنسان، الذي يتجلى فيه مفهوم “الولادة” بوصفه نواة النص ومركزه. حوله يدور المعنى والسؤال، وعليه تنعقد الأزمة. هو الباحث والمبحوث عنه، الذي ينطوي فيه العالم الأكبر.

الإطار الزمني والثقافي هو الحداثة، والتساؤل الأساسي

، يتعلق بميل الإنسان أو سقوطه المُدوّي في زمن هيمنة العقل الأداتي.

الكتاب استقصاء فلسفي-نفسي لغفلة المعنى، لإنكار الفلسفة، لفقدان الأمان وإهدار الصمت. هو قراءة أنطولوجية لانفصال الوعي الروحي عن الوعي العقلي، أو ضمور أحدهما لصالح الآخر.

بنية الكتاب جاءت على النحو الآتي:توطئة على هيئة ابتهال، تصدير في قالب تأملي فلسفي، مقدمة مفصّلة في صورة رمزية مفتوحة على دلالات متعددة، افتتاح بصيغة استفهامية، مستلهمة من الثقافة التوليدية السقراطية.

أما الفصول فهي: 1. فصل تمهيدي: الإنسان والمعنى، بشطرين: تفسيري وتكميلي، يسلّط الضوء على مقام الحضور القدسي في قلب الإنسان، وخطيئة الحداثة في تجاهله.

2. الفصل الأول: الإنسان الفيلسوف، رحلة في جوهر ، وبين الكينونة، لذة التفلسف، وانكسار العلاقة بين الله والإنسان، وبين الإنسان و ذاته

3. الفصل الثاني: الإنسان وعقدة اللأمان، دراسة نفسية وجودية حول التمزق الداخلي وانحدار اليقين في زمن السيولة.

4. الفصل الثالث: الإنسان الحداثي وإهدار قيمة الصمت، عن سيادة ضجيج الأرض بفعل العولمة، وانهيار السرّ، وسيادة المبتذل على المقدّس.

 بالنسبة للخاتمة جعلتُها نافذة لأفكارٍ أخرى قد تولد لاحقًا بإذن الله.

لماذا اخترتِ له عنوان “الولادة أو الولوج إلى المعنى”؟

في الحقيقة، اخترت عنوانين: الولادة أو الولوج إلى المعنى (عنوان أساسي) أنطولوجيا الوعي المأزوم في زمن الحداثة (عنوان فرعي)

الولادة والولوج إلى المعنى يحملان الدلالة ذاتها، باختلاف في اتساع المفهوم. لم أستطع الفصل بينهما، وأردت أن يمنحا معًا عمقًا تفسيريًا أكبر.

“الولوج إلى المعنى” هو استكمال لرحلة التكوين، هو لمس الجدار، وهو الولادة نفسها. والولادة ليست فقط حدثًا بيولوجيًا، بل انطلاقة فكرية، وارتجاج داخلي يهزّ الركود.

ما وجه الشبه بينه وبين عملك الأول “البحث عن المعنى“؟

العمل الثاني هو امتداد للأول. في البحث عن المعنى قطفت بعض الثمرات، لكنني كنت أجدها ناقصة.

فقررت أولًا: أن أُكمل بعض جوانبها المهملة.

وثانيًا: أن أضيف معاني جديدة إلى معجم الفهم، وأتغلغل أكثر في تربة الوعي.

العمل الجديد يغوص في عمق العلاقة بين الإنسان والحداثة، ويخرج من حدود الذات الفردية نحو أفق عالمي أوسع.

صرحتِ سابقًا أنك تحاولين إخراج العقل من حالته الصنمية إلى الحركة نحو الشعور. هل نجحتِ؟

كل خطوة نحو زعزعة العقل من جموده وإيقاظ الوعي هي انتصار، حتى وإن كان متواضعًا. لكن من المهم الانتباه إلى أن التفعيل المفرط للعقل قد يؤدي إلى ضمور الروح. الإنسان عقل وروح، وفكرٌ مضيء لا بمعزل عن النور. تلك هي القيمة المتوازنة للمعنى.

تروجين لأعمالك في صفحتك على الفايسبوك، فما الرسالة التي توجهينها إلى متابعيك؟

هي رسالة وعي أولًا وقبل كل شيء. الترويج بالنسبة لي ليس دعوة للاستهلاك، بل مشاركة للفكرة، وتقديم للمعنى الهادف وسط هذا الصخب العارم.

حاورها س.ر

مواضيع ذات صلة

وزير الثقافة والفنون يشدد على ضرورة بلوغ أعلى درجات الجاهزية

akhbarachark

توقيع اتفاقية بين المديرية العامة للأمن الوطني والديوان الوطني لحقوق المؤلف

akhbarachark

ترجمة الأدب الكلاسيكي تجمع مثقفي الأوراس بدار الثقافة باتنة

akhbarachark