احتضن مخبر الدراسات اللغوية والأدبية، أول أمس، في أجواء فكرية مفعمة بالحوار الجاد والنقاش المعمّق أولى فعاليات ندواته العلمية، التي خُصصت لمناقشة كتاب الدكتورة شهرة بلغول الموسوم بـ “صورة اليهودي في الرواية المغاربية المعاصرة”. وقد عرفت الندوة حضور نخبة من الأساتذة والباحثين المهتمين بالدراسات الأدبية والفكرية، لما يحمله الموضوع من حساسية معرفية وثراء دلالي.
تألّفت لجنة المناقشة من الدكتورة مديحة عتيق التي تناولت في مداخلتها إشكالية “اليهودي.. صورة أم تمثيلا”، محاولةً تفكيك البنية الرمزية والتمثيلية التي تشكلت حول صورة اليهودي في النصوص المغاربية الحديثة، بينما ركزت الدكتورة الزهرة عياري على جدلية “الأنَا والآخَر” في قراءة نقدية لكتاب الدكتورة بلغول، كاشفةً عن أبعاد الهوية والتفاعل الثقافي في تمثيلات الآخر اليهودي. أما الدكتورة غزلان هاشمي فقد قدمت مداخلة بعنوان “اليهودي بين التنميط والتمثيل”، طرحت فيها تساؤلات حول حدود الموضوعية في التعامل مع صورة اليهودي أدبياً، وحول ما إذا كانت هذه الصورة تعكس وعياً تاريخياً أم نزعة فنية تخييلية.
تنوّعت النقاشات وتقاطعت المداخلات حول جملة من القضايا الفكرية والإنسانية، من بينها صورة اليهودي في الآداب العالمية، ويهود المغرب العربي ومواقفهم من الاستعمار الفرنسي، إضافة إلى الدوافع التي جعلت الروائي المغاربي يقترب من هذا الموضوع الحسّاس الذي طالما ظل في دائرة المسكوت عنه.
وقد شهدت الندوة أيضاً مداخلة قيّمة للدكتور مداني زيقم الذي أضاء جانباً من تمثيلات اليهود في كتابات المفكر مالك بن نبي، مقدماً قراءة فكرية تجمع بين البعد الأدبي والرؤية الحضارية.
اختُتم اللقاء في قاعة الدكتوراه بمناخ من التقدير العلمي المتبادل، وقد أجمع الحاضرون على أهمية هذه المبادرات الفكرية التي تفتح فضاءات جديدة للنقاش الأكاديمي الرصين، وتؤكد مكانة مخبر الدراسات اللغوية والأدبية كفضاء معرفي يسعى إلى تعميق الحوار بين الأدب والفكر والهوية.
أكرم بوعشة