فلسطين..رقم صعب في انتخابات فرنسا وبريطانيا وأمريكا..
د.جمال سالمي
إنه أكبر إنجاز حققته القضية داخل معسكر الغرب..كيف لا؟
وقد تطورت نظرة شعوبهم من الانحياز العلني الواضح ضدهم إلى التعاطف العقلاني الواعي..
من كان يظن (مجرد ظن) أنه سيأتي يوم تصبح فيه الغالية فلسطين قضية الغرب الأولى..بعد أن تاجر بهذا الشعار حكام عرب، لم يقدموا لها غير معسول الكلام..الغرب ليس سلبيا كالعرب..
متى استيقن فعلا عدالة القضية، سوف يتبناها بصدق وإخلاص وتفان..
لن يكل ولن يمل حتى يرجع الحق لأصحابه..
جنوب إفريقيا نموذج حي..
الموساد يخطط ليل نهار لمحو التأثير المتزايد لفلسطين على انتخابات الغرب..
عبثا يحاول ذلك..
فقد تحرك الزمن في غير صالح اليهود الغاصبين الظالمين..
حتى بعض أبناء جلدتهم (من المنصفين والموضوعيين والإنسانيين) تمردوا عليهم مؤخرا..
دارت الدائرة على محور الشر الصهيوني..
بريطانيا تحاول (عبر إعادة يسارها العمالي) التكفير عن خطيئتها في فلسطين..
الاعتراف بدولة المستضعفين في الأرض المقدسة ظل شعارا لافتا لهم..
إن بركة فلسطين كانت ضمن أبرز أسباب فوز حزب العمال البريطاني..
إنهم في منعطف تاريخي مهم..
إما التغيير والتصحيح والتعديل..
ولو تدريجيا..
وإما مواصلة الهروب إلى الجحيم الصهيوني القذر..
بريطانيا (لمن لا يعرف) زرعت كيانا يهوديا في أقدس أقداس القدس..
ثم دعمته دوليا..
حتى نفذ خططه الاستيطانيّة التوسعية..
كما صرفت (بمهارة إعلامية كبيرة) انتباه الناس عن مجازره وحشية وعنصريته الجائرة..
طوفان الأقصى كشف عورات بريطانيا..
شبابها أدرك أخيرا ما كانت تمارسه نخبه السياسية من دعمٍ لا محدود للوحشية والعنصرية والإرهاب الصهيوني..
رد فعلهم كان قويا جدا..
لم يترددوا في تغليب كفة العماليين..
فتيةٌ رفضوا مواصلة مسلسل دموي في غزة..
قلوبهم انفطرت لهول ما يحدث هناك..
حَمَلَتْهم حيويتهم
للوفاء لمبادئهم الإنسانية السامية..
مسيراتهم هزت أركان الماسونية العالمية..
اعتصاماتهم صنعت الحدث لأشهر.. تنديدهم بالإبادة الجماعية كان صادقا وقويا جدا..
كل ذلك أثر سلبيا على حزب المحافظين..
تضامنهم مع غزة أجبرهم على الانتخاب ضد هذا الحزب..
حراكهم الشعبي الغاضب أثار حفيظة السياسيين الداعمين لتل أبيب..
أصبحت فلسطين محددًا سياسيًّا داخل بريطانيا نفسها..
السياسي اليساري الفرنسي المحنك ميلانشون التقط الفرصة..
جعل من فلسطين بندا رئيسيا في برنامجه الانتخابي..
كان ذكيا جدا..
أدرك مبكرا أن فلسطين سوف تهيمن على الحملات الانتخابية..
تبناها بقوة..
ثم أقنع بها رفاقه في ” اتحاد اليسار” (المكون من تحالف قوي ضم الخضر والحزبين الاشتراكي والشيوعي، إضافة طبعا إلى حزبه: فرنسا الأبية)..
لقد كانوا الأكثر مشاركة في التعبئة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة..
دعمهم الناخبون العرب والمسلمون..
ردوا جميلهم وتعاطفهم مع القضية الفلسطينية..
سيطرت فلسطين للمرة الأولى في تاريخ انتخابات الغرب على المشهد..
صحيح أنها لم تكن المحور الوحيد..
ولا الأبرز..
لكنها لعبت دورا حاسما في صعود يسار فرنسا وبريطانيا..
في انتظار الولايات المتحدة الأمريكية..
أكبر داعم لدولة الشر في تل أبيب..